للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَأَقُولُ، وَعَلَى طَوْلِ اللَّهِ وَتَيْسِيرِهِ الِاعْتِمَادُ، وَبِفَضْلِهِ الِاعْتِضَادُ: عَلَى الْمُقَلِّدِ ضَرْبٌ مِنَ النَّظَرِ فِي تَعْيِينِ مُقَلِّدِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ مَنْ شَاءَ مِنَ الْمُفْتِينَ مَعَ تَبَايُنِ الْمَذَاهِبِ، وَتَبَاعُدِ الْآرَاءِ وَالْمَطَالِبِ، وَكَيْفَ يُسَوِّغُ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْأَخْذِ بِمَذْهَبِ التَّحْرِيمِ وَمَذْهَبِ التَّحْلِيلِ؟ وَلَا يَتَصَوَّرُ الْمَصِيرَ إِلَى هَذِهِ السَّبِيلِ مَعَ تَفَاوُتِ مَنَاصِبِ الْمُفْتِينَ وَأَهْلِ التَّحْصِيلِ.

وَإِذَا كَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَلْيَتَمَهَّلِ النَّظَرَ هُنَالِكَ.

فَمَنْ عَنَّ لَهُ مِنَ الْمُقَلِّدَةِ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ -[رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ]- أَرْجَحُ، وَمَسْلَكُهُ أَوْضَحُ، لِأُمُورٍ كُلِّيَّةٍ اعْتَقَدَهَا، وَقَضِيَّةٍ لَائِقَةٍ بِمِقْدَارِ بَصِيرَتِهِ اعْتَمَدَهَا، فَلَيْسَ يَعْتَقِدُ - إِنْ كَانَ مَعَهُ مَسْكَةٌ مِنَ الْعَقْلِ، وَتَشَوُّفٌ إِلَى مُقَدِّمَاتٍ مِنَ الْفَضْلِ - أَنَّ إِمَامَهُ تَجِبُ لَهُ الْعِصْمَةُ عَنِ الزَّلَلِ وَالْخَطَلِ، بَلْ لَا مَعْصُومَ إِلَّا الرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَالْإِنْبَاءِ.

فَمَا مِنْ مَسْأَلَةٍ تَتَّفِقُ إِلَّا وَالْمُقَلِّدُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِمَامُهُ زَالًّا فِي مَعَانِيهَا، وَظُهُورُ الْحَقِّ مَعَ مَنْ يُخَالِفُهُ فِيهَا، وَإِنَّمَا الَّذِي غَلَبَ عَلَى وَهْمِهِ عَلَى مَبْلَغِ عِلْمِهِ وَفَهْمِهِ أَنَّ إِمَامَهُ بِالْإِصَابَةِ فِي

<<  <   >  >>