٤٢٦ - وَالَّذِي وَضَّحَ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ أَنَّ زُمَرَ الْمُقَلِّدِينَ لَوْ أَرَادُوا أَنْ يَتَّبِعُوا مَذْهَبَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَجِدُوا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا، فَإِنَّ الَّذِينَ اسْتَأْخَرُوا بِالْأَعْصَارِ عَنِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مِنْ أَئِمَّةِ الْأُمَّةِ أَخْبَرُ بِمَذَاهِبِ الْأَوَّلِينَ، وَأَعْرَفُ بِطُرُقِ صَحْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَكْرَمِينَ، وَقَدْ كَفَوْا مَنْ بَعْدَهُمُ النَّظَرَ فِي طَرَائِقِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَبَوَّبُوا الْأَبْوَابَ، وَمَهَّدُوا الْأَسْبَابَ، وَمَا كَانَتِ الْمَسَائِلُ مُتَرَتِّبَةً مُتَهَذِّبَةً فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ، فَاسْتَبَانَ أَنَّ حَقَّ الْمُقَلِّدِ أَنْ يَرْبُطَ اسْتِفْتَاءَهُ بِالْأَدْنَى فَالْأَدْنَى، وَالْإِمَامُ الَّذِي وَصَفْنَاهُ فِي عَصْرِنَا بِالْإِضَافَةِ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ مِنْ حَيْثُ نَخَلَ مَذَاهِبَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْأَئِمَّةِ السَّابِقِينَ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، فَإِذَا حَقَّ عَلَى الْمُقَلِّدِ أَنْ يَسْتَفْتِيَ إِمَامَ عَصْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي زَمَانِهِ إِمَامًا اتَّبَعَ الَّذِينَ مَضَوْا وَعَوَّلَ عَلَى نَظَرٍ يَصْدُرُ مِنْ مِثْلِهِ.
٤٢٧ - فَهَذِهِ مُقَدِّمَةٌ أَطَلْتُ الْقَوْلَ فِيهَا، وَالْغَرَضُ مِنْهَا فِي الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْقَاضِيَ إِذَا كَانَ مُجْتَهِدًا، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَسْتَتْبِعُ الْمُتَحَاكِمِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute