للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قُلْنَا: لَا نُقَدِّمُ إِلَّا الْكَافِيَ التَّقِيَّ الْعَالِمَ، وَمَنْ لَا كِفَايَةَ فِيهِ، فَلَا احْتِفَالَ بِهِ، وَلَا اعْتِدَادَ بِمَكَانِهِ أَصْلًا.

٤٤٨ - فَإِنْ قِيلَ: إِذَا اجْتَمَعَ فِي عَصْرٍ وَدَهْرٍ قُرَشِيٌّ عَالِمٌ، لَيْسَ بِذِي كِفَايَةٍ وَاسْتِقْلَالٍ، وَكَافٍ شَهْمٌ مُسْتَقِلٌّ بِالْأَمْرِ، فَمَنْ نُقَدِّمُ مِنْهُمَا؟

قُلْنَا: إِنْ لَمْ يَكُنِ الْقُرَشِيُّ ذَا خَرَقٍ وَحُمْقٍ، وَكَانَ لَا يُؤْتَى عَنْ عَتَهٍ وَخَبَلٍ، وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ نُبِّهَ لِمَرَاشِدِ الْأُمُورِ لَفَهِمَهَا وَأَحَاطَ بِهَا، وَعَلِمَهَا، ثُمَّ انْتَهَضَ لَهَا - فَهُوَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ.

وَسَبِيلُهُ إِذَا وَلِيَهَا أَلَّا يُقْدِمَ عَلَى خَطْبٍ انْفِرَادًا مِنْهُ بِرَأْيِهِ وَاسْتِبْدَادًا، وَيَسْتَضِيءُ بِرَأْيِ الْحُكَمَاءِ وَالْعُقَلَاءِ، ثُمَّ إِذَا عَزَمَ تَوَكَّلَ.

وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى مَا ذَكَرْنَاهُ مِمَّنْ مَعَهُ حُظْوَةٌ صَالِحَةٌ مِنَ الْفِطْنَةِ، وَإِدْرَاكُ (١٦٧) وَجْهِ الصَّوَابِ، وَمِثْلُ هَذَا حَرِيٌّ بِأَنْ يَتَخَرَّجَ إِذَا تَدَرَّبَ وَتَهَذَّبَ، وَقَارَعَ كَرَّ الزَّمَانِ، [وَفَرَّهُ] ، وَذَاقَ حُلْوَهُ وَمُرَّهُ.

وَإِنْ كَانَ فَدْمَ الْقَرِيحَةِ، مُسْتَمِيتَ الْخَاطِرِ، لَا يَطَّلِعُ عَلَى وَجْهِ الرَّأْيِ، فَإِنْ أَمْضَى أَمْرًا وَأَبْرَمَ حُكْمًا، كَانَ مُقَلِّدًا، وَقَدْ ظَهَرَتْ

<<  <   >  >>