للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤٦٩ -[وَقَدْ] قَالَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا إِذَا عَسُرَتْ مُدَافَعَتُهُ، وَفِي اسْتِمْرَارِهِ عَلَى مَا تَصَدَّى (١٧٣) لَهُ تَوْفِيَةٌ لِحُقُوقِ الْإِمَامَةِ، فَيَتَعَيَّنُ تَقْرِيرُهُ، وَإِذَا تَعَيَّنَ الْأَمْرُ لَمْ يَبْقَ لِلِاخْتِيَارِ اعْتِبَارٌ، فَإِنَّ الِاخْتِيَارَ إِنَّمَا يُفْرَضُ لَهُ أَثَرٌ إِذَا تَقَابَلَ مُمْكِنَانِ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الثَّانِي، وَلَمْ يَتَأَتَّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، فَيُعَيِّنُ الِاخْتِيَارُ أَحَدَ الْجَائِزَيْنِ.

فَالِاسْتِظْهَارُ مَعَ تَعَذُّرِ الْمُعَارَضَةِ وَالْمُنَاقَضَةِ يَتَضَمَّنُ ثُبُوتَ الْإِمَامَةِ.

وَالْمَرَضِيُّ عِنْدَنَا الْمَسْلَكُ الْأَوَّلُ فَيَجِبُ الْعَقْدُ لَهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْرِيرِ غَرَضِ الْإِمَامَةِ، وَإِقَامَةِ حُقُوقِهَا، وَتَسْكِينِ الْفِتْنَةِ الثَّائِرَةِ وَتَطْفِيَةِ النَّائِرَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ بَايَعَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا رَأَيَاهُ مُسْتَقِلًّا، وَعَلِمَا مَا فِي مُدَافَعَتِهِ مِنْ فُنُونِ الْفِتَنِ، وَضُرُوبِ الْمِحَنِ.

٤٧٠ - وَغَائِلَةُ هَذَا الْفَصْلِ فِي تَصْوِيرِهِ، فَإِنَّ الَّذِي يَنْتَهِضُ لِهَذَا الشَّأْنِ لَوْ بَادَرَهُ مِنْ غَيْرِ بَيْعَةٍ وَحَاجَةٍ حَافِزَةٍ، وَضَرُورَةٍ مُسْتَفِزَّةٍ، أَشْعَرَ ذَلِكَ بِاجْتِرَائِهِ، وَغُلُوِّهِ فِي اسْتِيلَائِهِ، وَتَشَوُّفِهِ إِلَى اسْتِعْلَائِهِ، وَذَلِكَ يَسِمُهُ بِابْتِغَاءِ الْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ.

<<  <   >  >>