للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَقَالَ الْمَلِكُ أَلْبْ أَرْسَلَانْ: طَارِدُوهُمْ حَتَّى تُوَافُوا [أَوَانَ] دَعْوَةِ الْخُطَبَاءِ فِي أَقَاصِي الْبُلْدَانِ، فَمَا زَالَتِ الشَّمْسُ حَتَّى زَالَتْ أَعْلَامُهُمْ، وَزَلَّتْ أَقْدَامُهُمْ، وَبُلِّغْتُ أَنَّ قَائِدَهُمُ الْمُلَقَّبَ بِقَيْصَرَ لَمَّا نَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي مَنَاخِرِهِ، وَعَمِيَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ عَنْ آخِرِهِ، أَقْدَمَ مُتَابِعًا قَائِدَ غَيِّهِ وَضَلَالِهِ، مُجِيبًا دَاعِيَ جَهْلِهِ وَخَبَالِهِ.

فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَبْدَتِ الْحَرْبُ مَقَاتِلَهُ وَأَرْسَى عَلَيْهِ الْمَوْتُ كَلَاكِلَهُ، فَحَصَلَ فِي قَبْضَةِ الْأَسْرِ، وَانْبَسَطَتْ عَلَيْهِ يَدُ الْقَسْرِ، وَرَدَّ اللَّهُ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، وَأَذَاقَهُ وَبَالَ أَمْرِهِ، فَبَاتَ مَعَ الْمُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ، وَاللَّهُ لِلْبَاغِينَ بِالْمِرْصَادِ.

فَمَنِ اسْتَمْسَكَ بِالْحَقِّ، وَلَمْ يَمِلْ بِهِ مَهْوَى الْهَوَى عَنِ الصِّدْقِ تَبَيَّنَ عَلَى الْبِدَارِ وَالسَّبْقِ أَنَّ خَزَائِنَ الْعَالَمِينَ، وَذَخَائِرَ الْأُمَمِ الْمَاضِينَ وَكُنُوزَ الْمُنْقَرِضِينَ، لَوْ قُوبِلَتْ بِوَطْأَةٍ مِنَ الْكُفَّارِ لِأَطْرَافِ دِيَارِ الْإِسْلَامِ، لَكَانَتْ مُسْتَحْقَرَةً مُسْتَنْزَرَةً.

فَكَيْفَ لَوْ تَمَلَّكُوا الْبِلَادَ

<<  <   >  >>