للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْقِنُّ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْجِهَادِ دُونَ إِذْنِ مَوْلَاهُ، فَلَوِ اسْتَقَلَّ بِنَفْسِهِ وَخَرَجَ، كَانَ شَارِدًا آبِقًا مُتَمَرِّدًا عَلَى مَالِكِ رِقِّهِ، تَارِكًا مَا أَوْجَبَ اللَّهُ مِنْ رِعَايَةِ حَقِّهِ.

وَهُوَ فِي حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ، وَتَرَدُّدَاتِهِ فِي جَمِيعِ تَارَاتِهِ، وَحَالَاتِهِ مُعَرَّضٌ لِسُخْطِ اللَّهِ، وَسُوءِ عِقَابِهِ، ثُمَّ لَوْ تَمَادَى عَلَى إِبَاقِهِ وَشِرَادِهِ، وَوَقَفَ فِي الصَّفِّ عَلَى اسْتِبْدَادِهِ، تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ الْمُصَابَرَةُ، حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا.

فَهَذِهِ جُمَلٌ قَدَّمْنَا تِذْكَارَهَا، وَأَنَا أُوَضِّحُ الْآنَ مَوَاقِعَهَا وَآثَارَهَا، فَأَقُولُ: ٥١٢ - قَدْ تَحَقَّقَ أَنَّ صَدْرَ الْوَرَى، وَكَهْفَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، احْتَمَلَ أَعْبَاءَ الْمِلَّةِ وَأَثْقَالَهَا، وَتَقَلَّدَ أَشْغَالَهَا، وَجَرَّدَتْ إِلَيْهِ الْخَلِيقَةُ آمَالَهَا، جَرَّرَتْ إِلَيْهِ الْأَمَانِي أَذْيَالَهَا، وَرَبَطَتْ مُلُوكُ الْأَرْضِ بِعَالِي رَأْيِهِ [سِلْمَهَا] وَقِتَالَهَا، وَوِفَاقَهَا وَجِدَالَهَا، وَوَاصَلَتِ الْبَرِّيَّةُ فِي اللِّيَاذِ بِهِ غَدُوَّهَا وَآصَالَهَا.

وَلَوْ آثَرَ الْإِيدَاعَ أَيَّامًا مَعْدُودَةً لَبُدِّلَتِ الِاسْتِقَامَةُ أَحْوَالَهَا وَزُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا، وَأَبْدَتْ غَوَائِلُ الدَّهْرِ

<<  <   >  >>