للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَخُصُّهُ مِنَ الْأَحْكَامِ مُوجَبَ النَّظَرِ. وَلَكِنَّ الْغَيْرَ لَا يَثِقُ بِقَوْلِهِ لِفِسْقِهِ.

٥٨٥ - وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الِاكْتِفَاءِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْخِصَالِ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّ اشْتِرَاطَ الْمَصِيرِ إِلَى مَبْلَغٍ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إِلَى طَلَبٍ وَتَفَكُّرٍ فِي الْوَقَائِعِ مُحَالٌ، إِذِ الْوَقَائِعُ لَا نِهَايَةَ لَهَا، وَالْقُوَّةُ الْبَشَرِيَّةُ لَا تَفِي بِتَحْصِيلِ كُلِّ مَا يُتَوَقَّعُ، سِيَّمَا مَعَ قِصَرِ الْأَعْمَارِ ; فَيَكْفِي الِاقْتِدَارُ عَلَى الْوُصُولِ إِلَى الْغَرَضِ عَلَى يَسِيرٍ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى مُعَانَاةِ تَعَلُّمٍ.

وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَقْتَضِي اسْتِعْدَادًا وَاسْتِمْدَادًا مِنَ الْعُلُومِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لَا مَحَالَةَ.

٥٨٦ - وَالثَّانِي - أَنَّا سَبَرْنَا أَحْوَالَ الْمُفْتِينَ مِنْ صَحْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَكْرَمِينَ، فَأَلْفَيْنَاهُمْ مُقْتَدِرِينَ عَلَى الْوُصُولِ إِلَى مَدَارِكِ الْأَحْكَامِ، وَمَسَالِكِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا مُسْتَقِلِّينَ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَإِنَّ الْكِتَابَ نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ، وَمَا كَانَ يَخْفَى عَلَيْهِمْ مِنْ فَحْوَى خِطَابِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ خَافِيَةٌ، وَقَدْ عَاصَرُوا صَاحِبَ الشَّرِيعَةِ، وَعَلِمُوا أَنَّ مُعْظَمَ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ مَنَاطُ الشَّرْعِ، وَاعْتَنَوْا عَلَى اهْتِمَامٍ

<<  <   >  >>