للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَهَا وَيُرَاجِعُهُ فِيهَا، فَإِنْ أَصَابَ فِيهَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا وَيُقَلِّدُهُ حِينَئِذٍ.

وَإِنْ تَعَثَّرَ فِيهَا تَعَثُّرًا مُشْعِرًا بِخُلُوِّهِ عَنْ قَوَاعِدِهَا، لَمْ يَتَّخِذْهُ قُدْوَتَهُ وَأُسْوَتَهُ.

٥٩٤ - وَذَهَبَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا إِلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي لَا يَجِبُ وَلَكِنْ يَكْفِي أَنْ يَشْتَهِرَ فِي النَّاسِ اسْتِجْمَاعُ الرَّجُلِ صِفَاتِ الْمُجْتَهِدِينَ، وَيَشِيعُ ذَلِكَ شُيُوعًا مُغَلِّبًا عَلَى الظَّنِّ.

وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: لَيْسَ لِلْمُسْتَفْتِي اعْتِمَادُ قَوْلِ الْمُفْتِي، فَإِنَّ وَصْفَهُ نَفْسَهُ بِذَلِكَ فِي حُكْمِ الْإِطْرَاءِ وَالثَّنَاءِ، وَقَوْلُ الْمَرْءِ فِي ذِكْرِ مَنَاقِبِ نَفْسِهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ.

٥٩٥ - وَالَّذِي أَخْتَارُهُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي لَا يَتَحَتَّمُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يَرْفَعُونَ وَقَائِعَهُمْ، وَيُنْهُونَ مَسَائِلَهُمْ إِلَى أَئِمَّةِ الصَّحَابَةِ كَانُوا لَا يُقَدِّمُونَ عَلَى اسْتِفْتَائِهِمْ إِلْقَاءَ الْمَسَائِلِ، وَالِامْتِحَانَ بِهَا، وَكَانَ (٢١٦) عُلَمَاءُ الصَّحَابَةِ لَا يَأْمُرُونَ عَوَامَّهُمْ وَمُسْتَفْتِيهِمْ بِأَنْ يُقَدِّمُوا امْتِحَانَ الْمُقَلَّدِينَ.

٥٩٦ - وَالَّذِي أَرَاهُ أَنَّ مَنْ ظَهَرَ وَرَعُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَبَعُدَ عَنْ مَظَانِّ

<<  <   >  >>