للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِمَوْتِهِمْ، فَكَأَنَّ الشَّافِعِيَّ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] وَإِنِ انْقَلَبَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَيٌّ ذَابٌّ عَنْ مَذْهَبِهِ، وَلَوْ فَرَضْنَا مُعَاصَرَةَ هَذَا الْمُسْتَفْتِي الشَّافِعِيَّ، وَقَدْ خَالَفَهُ الْمُفْتِي الَّذِي هُوَ مَوْجُودٌ فِي الزَّمَانِ، لَكَانَ الْمُسْتَفْتِي يَتَتَبَّعُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ لَا مَحَالَةَ.

٦٠٤ - وَلَيْسَ مَا ذَكَرْنَاهُ خَارِمًا لِمَا مَهَّدْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَفْتِيَ لَا يَتَّبِعُ مَذْهَبَ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَا كَانُوا يَضَعُونَ الْمَسَائِلَ لِتَمْهِيدِ الْقَوَاعِدِ، وَتَبْوِيبِ الْأَبْوَابِ، وَالْمُسْتَفْتِي مَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِ مَسَالِكِ الْبَاحِثِينَ الْفَاحِصِينَ عَنْ أَقَاصِيصِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَطُرُقِ الْمَاضِينَ.

٦٠٥ - وَالشَّافِعِيُّ مِنَ الْمُتَنَاهِينَ فِي الْبَحْثِ عَنِ الْمَطَالِبِ، وَنَخْلِ الْمَذَاهِبِ، وَالِاهْتِمَامِ بِالنَّظَرِ فِي الْمَنَاصِبِ وَالْمَرَاتِبِ، وَنَظَرُهُ فِي التَّأْصِيلِ وَالتَّفْصِيلِ، وَالتَّنْوِيعِ وَالتَّفْرِيعِ - أَغْوَصُ مِنْ نَظَرِ عُلَمَاءِ الزَّمَانِ، وَمُجَرَّدُ تَارِيخِ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ - مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ الْمَذَاهِبَ لَا تَزُولُ بِزَوَالِ مُنْتَحِلِيهَا - لَا أَثَرَ لَهُ.

فَهَذَانِ وَجْهَانِ مُتَعَارِضَانِ وَاحْتِمَالَانِ مُتَقَابِلَانِ، وَلَا يَبْلُغُ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ مَبْلَغَ الْقَطْعِ.

٦٠٦ - وَالْأَوْجَهُ عِنْدِي أَنْ يُقَلِّدَ الْمُسْتَفْتِي مُفْتِيَ زَمَانِهِ. ثُمَّ تَحْقِيقُ

<<  <   >  >>