للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥٢ - فَإِنْ قِيلَ: لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ الْإِجْمَاعِ مَسَالِكُ الْعُقُولِ، فَإِنَّ الرَّبَّ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِالِاقْتِدَارِ عَلَى جَمْعِ الْعَالَمِينَ عَلَى الْبَاطِلِ عَلَى اضْطِرَارٍ، وَعَلَى خِيرَةٍ وَإِيثَارٍ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُسَوَّغًا فِي الْعَقْلِ غَيْرَ مُسْتَحِيلٍ، وَلَيْسَ فِي الْعَقْلِ عَلَى الْقَضَاءِ بِصِدْقِ الْمُجْمِعِينَ دَلِيلٌ، وَلَيْسَ إِلَى دَرْكِ ذَلِكَ مِنْ طُرُقِ الْمَعْقُولَاتِ سَبِيلٌ، وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ نَصٌّ فِي إِثْبَاتِ الْإِجْمَاعِ لَا يُقْبَلُ التَّأْوِيلُ، وَلَيْسَ عَلَى الظَّوَاهِرِ الْقَابِلَةِ لِلتَّأْوِيلَاتِ فِي الْقَطْعِيَّاتِ تَعْوِيلٌ، وَلَا مَطْمَعٌ فِي إِثْبَاتِ الْإِجْمَاعِ بِخَبَرِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; فَإِنَّهُ لَمْ يَتَوَاتَرْ عَنْهُ نَصٌّ فِي الْإِجْمَاعِ يَدْرَأُ الْمَعَاذِيرَ، وَيَقْطَعُ التَّجْوِيزَ وَالتَّقْدِيرَ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ» " نَقَلَهُ مَعْدُودُونَ مُحَدَّدُونَ، مُعَرَّضُونَ لِإِمْكَانِ الْهَفَوَاتِ وَالزَّلَّاتِ، عَلَى أَنَّهُ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ سَبِيلُ التَّأْوِيلَاتِ ; فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: ( «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى الضَّلَالَةِ» ) أَنَّهَا لَا تَنْسَلِخُ عَنِ الْإِيمَانِ مُلَابَسَةً عَمَايَةُ الْجَهَالَةِ، فَيَكُونُ مَضْمُونُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ الْإِشْعَارَ بِأَمَانِ الْأُمَّةِ عَنِ الْمُنْقَلَبِ إِلَى الْكُفْرِ وَالرِّدَّةِ، وَإِنْ تَطَاوَلَتِ الْمُدَّةُ.

٥٣ - فَإِذَا لَمْ نَجِدْ مَسْلَكًا فِي إِثْبَاتِ الْإِجْمَاعِ مَعْقُولًا، وَأَصْلًا

<<  <   >  >>