عَنْهُمْ - مَا دَفَعُوا مَقْصُودَ هَذَا الْفَصْلِ، وَلَمْ تَتَغَشَّهُمْ (٢٥٠) هَوَاجِمُ الْمِحَنِ وَالْفِتَنِ، وَكَانُوا فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ لَا يَضَعُونَ الْمَسَائِلَ قَبْلَ وُقُوعِهَا، فَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْمَبَاحِثِ الَّتِي سَأَخُوضُ فِيهَا، وَلَمْ يَعْتَنُوا بِمَعَانِيهَا، وَهَا أَنَا أَذْكُرُ نُتَفًا، أَعْتَدُّهَا تُحَفًا عِنْدَ الْمُدَرَّعِينَ مَدَارِعَ الْوَرَعِ، وَأَتَّخِذُهَا يَدًا عِنْدَ طَبَقَاتِ الْخَلْقِ جُمَعَ.
٧٣٨ - فَأَفْرِضُ أَوَّلًا حَالَةً وَأُجْرِي فِيهَا مَقَاصِدَ، ثُمَّ أَبْتَنِي عَلَيْهَا قَوَاعِدَ، وَأَضْبُطُهَا بِرَوَابِطَ وَمَعَاقِدَ، وَأُمَهِّدُهَا أُصُولًا تَهْدِي إِلَى مَرَاشِدَ. فَأَقُولُ:
لَوْ فَسَدَتِ الْمَكَاسِبُ كُلُّهَا، وَطَبَّقَ طَبَقَ الْأَرْضِ الْحَرَامُ فِي الْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ وَمَا تَحْوِيهِ الْأَيْدِي - وَلَيْسَ حُكْمُ زَمَانِنَا بِبَعِيدٍ مِنْ هَذَا - فَلَوِ اتَّفَقَ مَا وَصَفْنَاهُ، فَلَا سَبِيلَ إِلَى حَمْلِ الْخَلْقِ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ عَلَى الِانْكِفَافِ عَنِ الْأَقْوَاتِ، وَالتَّعَرِّي عَنِ الْبِزَّةِ.
٧٣٩ - وَأَقْرَبُ مَسَالِكَ تَمْتَدُّ إِلَيْهَا بَصِيرَةُ الْفَطِنِ فِي ذَلِكَ تَلَقِّي الْأَمْرِ مِنْ إِبَاحَةِ الْمَيْتَاتِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ وَالضَّرُورَاتِ، وَقَدْ قَالَ الْفُقَهَاءُ: لَا تَحِلُّ الْمَيْتَةُ إِلَّا لِمُضْطَرٍّ، يَخَافُ عَلَى مُهْجَتِهِ وَحُشَاشَتِهِ، لَوْ لَمْ يَسُدَّ جَوْعَتَهُ. .
ثُمَّ اضْطَرَبَتْ مَذَاهِبُهُمْ فِي أَنَّهُ إِذَا اضْطُرَّ الْمَرْءُ، فَإِلَى أَيِّ حَدٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute