لَا يَكَادُ يَخْفَى جَوَازُ دَفْعِ الظَّلَمَةِ، وَإِنِ انْتَهَى الدَّفْعُ إِلَى شَهْرِ الْأَسْلِحَةِ، فَإِنَّ مَنْ أَجْلَى أُصُولِ الشَّرِيعَةِ، دَفْعُ الْمُعْتَدِينَ بِأَقْصَى الْإِمْكَانِ عَنْ الِاعْتِدَاءِ وَلَوْ ثَارَتْ فِيهِ زَائِغَةٌ عَنِ الرَّشَادِ، وَآثَرُوا السَّعْيَ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، وَلَمْ يَمْنَعُوا قَهْرًا، وَلَمْ يَدْفَعُوا قَسْرًا، لَاسْتَجْرَأَ الظَّلَمَةُ، وَلَتَفَاقَمَ الْأَمْرُ. وَهَذَا يُغْنِي ظُهُورُهُ عَنِ الْإِمْعَانِ فِي الْبَيَانِ.
٨٢٩ - فَأَمَّا إِذَا اعْتَدَى الْمُعْتَدُونَ، وَظَفِرْنَا بِهِمْ، فَأُصُولُ الْحُدُودِ لَا تَخْفَى مَا بَقِيَتْ شَرِيعَةُ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَالْكَلَامُ الضَّابِطُ فِيهَا أَنَّ كُلَّ حَدٍّ اسْتَيْقَنَهُ أَهْلُ الْعَصْرِ أَقَامَهُ وُلَاةُ الْأَمْرِ، كَمَا تَقَدَّمَ الْقَوْلُ الشَّافِي الْبَالِغُ فِي أَحْكَامِ الْوُلَاةِ.
فَإِذَا شَكَّ بَنُو الزَّمَانِ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ، لَمْ يُقِيمُوهُ أَصْلًا، وَلَوْ عَلِمُوا أَنَّ وُجُوبَ الْحَدِّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، فَهُوَ إِذَنْ مَظْنُونٌ وَكَانَ فِي مَحَلِّ التَّحَرِّي، إِذَا كَانَتِ التَّفَاصِيلُ مَذْكُورَةً مَحْفُوظَةً.
فَإِذَا عَدِمَ أَهْلُ الزَّمَانِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمُقَلِّدُونَ مِنْ تَقْدِيمِ إِمَامٍ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute