للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْأَشْيَاعِ، مُطَاعٌ فِي قَوْمِهِ، وَكَانَتْ مَنْعَتُهُ تُفِيدُ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ، انْعَقَدَتِ الْإِمَامَةُ. وَقَدْ يُبَايِعُ رِجَالٌ لَا تُفِيدُ مُبَايَعَتُهُمْ شَوْكَةً وَمُنَّةً قَهْرِيَّةً، فَلَسْتُ أَرَى لِلْإِمَامَةِ اسْتِقْرَارًا.

وَالَّذِي أَجَزْتُهُ لَيْسَ شَرْطَ إِجْمَاعٍ، وَلَا احْتِكَامًا بِعَدَدٍ، وَلَا قَطْعًا بِأَنَّ بَيْعَةَ الْوَاحِدِ كَافِيَةٌ.

٩٠ - وَإِنَّمَا اضْطَرَبَتِ الْمَذَاهِبُ فِي ذَلِكَ لِوُقُوعِ الْبَيْعَةِ لِأَبِي بَكْرٍ مُبْهَمَةً مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِعَدَدٍ، وَلَمْ يَتَّجِهْ إِحَالَةُ إِنْبِرَامِ الْعَقْدِ عَلَى بَيْعَةِ وَاحِدٍ ; فَتَفَرَّقَتِ الطُّرُقُ، وَأَعْوَصَ مَسْلَكُ الْحَقِّ عَلَى مُعْظَمِ النَّاظِرِينَ فِي الْبَابِ.

وَالَّذِي ذَكَرْتُهُ يَنْطَبِقُ عَلَى مَقْصِدِ الْإِمَامَةِ وَسِرِّهَا، فَإِنَّ الْغَرَضَ حُصُولُ الطَّاعَةِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْإِبْهَامِ الَّذِي جَرَى فِي الْبَيْعَةِ.

فَرَحِمَ اللَّهُ نَاظِرًا انْتَهَى إِلَى هَذَا الْمُنْتَهَى فَجَعَلَ جَزَاءَنَا مِنْهُ دَعْوَةً بِخَيْرٍ.

٩١ - وَالَّذِي يَنْصَرِفُ مِنْ مَسَاقِ هَذَا الْكَلَامِ إِلَى الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، الْمُنْطَوِي عَلَى ذِكْرِ صِفَةِ مَنْ يَعْقِدُ، إِلَى اشْتِرَاطِ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي. فَلَا أَرَى لِاشْتِرَاطِ كَوْنِ الْعَاقِدُ مُجْتَهِدًا وَجْهًا لَائِحًا، وَلَكِنِّي أَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ الْمُبَايِعُ مِمَّنْ يُفِيدُ مُبَايَعَتُهُ مُنَّةً وَاقْتِهَارًا.

فَهَذَا مَا أَرَدْنَا بَيَانَهُ فِي ذَلِكَ.

<<  <   >  >>