للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشَّرْعِ بِعُقُولِ الرِّجَالِ، فَإِنَّ صَاحِبَ الِاسْتِبْدَادِ لَا يَأْمَنُ الْحَيْدَ عَنْ سَنَنِ السَّدَادِ، وَمَنْ وُفِّقَ لِلِاسْتِمْدَادِ مِنْ عُلُومِ الْعُلَمَاءِ، كَانَ حَرِيًّا بِالِاسْتِدَادِ، وَلُزُومِ طَرِيقِ الِاقْتِصَادِ.

١١٦ - وَسِرُّ الْإِمَامَةِ اسْتِتْبَاعُ الْآرَاءِ، وَجَمْعُهَا عَلَى رَأْيٍ صَائِبٍ، وَمِنْ ضَرُورَةِ ذَلِكَ اسْتِقْلَالُ الْإِمَامِ، ثُمَّ هُوَ مَحْثُوثٌ عَلَى اسْتِفَادَةِ مَزَايَا الْقَرَائِحِ، وَتَلَقِّي الْفَوَائِدِ وَالزَّوَائِدِ مِنْهَا ; فَإِنَّ فِي كُلِّ عَقْلٍ مِيزَةً، وَلَكِنَّ اخْتِلَافَ الْآرَاءِ مَفْسَدَةٌ لِإِمْضَاءِ الْأُمُورِ، فَإِذَا بَحَثَ عَنِ الْآرَاءِ إِمَامٌ مُجْتَهِدٌ، وَعَرَضَهَا عَلَى عِلْمِهِ الْغَزِيرِ، وَنَقَدَهَا بِالسَّبْرِ وَالْفِكْرِ الْأَصْوَبِ مِنْ وُجُوهِ الرَّأْيِ، كَانَ جَالِبًا إِلَى الْمُسْلِمِينَ ثَمَرَاتِ الْعُقُولِ، وَدَافِعًا عَنْهُمْ غَائِلَةَ التَّبَايُنِ وَالِاخْتِلَافِ، فَكَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَتَّحِدُونَ بِنَظَرِ الْإِمَامِ، وَحُسْنِ تَدْبِيرِهِ، وَفَحْصِهِ وَتَنْقِيرِهِ، وَلَا بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ مَتْبُوعًا

<<  <   >  >>