أما اصطفاء الله لبني هاشم فقد كان لما امتازوا به من الفضائل والمكارم؛ فكانوا أصلح الناس عند الفتن، وخيرهم لمسكين ويتيم.
وإنما أطلق لقب هاشم على عمْرو بن عبد مناف؛ لأنه أول من هشم الثريد - وهو طعام لذيذ - للذين أصابهم القحط، وكان يَشْبَعُ منه كلَّ عامٍ أهلُ الموسم كافة، ومائدتُه منصوبةٌ لا ترفع في السراء ولا في الضراء.
وزاد على هاشم ولَدُه عبد المطلب جدُّ الرسول صلى الله عليه وسلم فكان يطعم الوحش، وطير السماء، وكان أول من تعبد بغار حراد، وروي أنه حرم الخمر على نفسه.
وبالجملة: فقد امتاز آل النبي صلى الله عليه وسلم على سائر قومه بالأخلاق العلية، والفواضل العملية، والفضائل النفسية، ثم اصطفى الله محمداً صلى الله عليه وسلم من بني هاشم؛ فكان خير ولد آدم، وسيدهم.
٤ - بلوغه صلى الله عليه وسلم الذروة في مكارم الأخلاق: فقد جبله الله - عز وجل - على كريم الخلال، وحميد الخصال، فكان قبل النبوة أرقى قومه، بل أرقى البشرية في زكاء نفسه، وسلامة فطرته، وحسن خلقه.
نشأ يتيماً شريفاً، وشبَّ فقيراً عفيفاً، ثم تزوج محباً لزوجته مخلصاً لها.
لم يتولَّ هو لا والده شيئاً من أعمال قريش في دينها ولا دنياها، ولا كان يعبد عبادتهم، ولا يحضر سامرهم، ولا ندواتهم، ولم يُؤْثَرْ عنه قول ولا عمل يدل على حبِّ الرياسة، أو التطلع إليها.
وكا يُعرف بالتزام الصدق، والأمانة، وعلو الآداب؛ فبذلك كان له المقام