مرَّ بك في الفقرة السابقة ذكْرٌ لبعض خصائص الدين الإسلامي، والحديث في هذه الفقرة قريب من الحديث السابق أو إكمالٌ له، وسيتضح لك فيما يلي شيء من محاسن الدين الإسلامي، وأنه دين السعادة والفلاح، وأنه لم يَدَع الإنسان في خاصة نفسه أو مع أهله، أو مع جيرانه، أو أهل ملَّته، أو الناس أجمعين - إلا علَّمه من دقائق الآداب، ومحاسن المعاملات ما يصفو به عيشه، ويتم سروره.
ولا يَريبَنَّك ما عليه كثير من المسلمين من سوء الحال؛ فإن ذلك بمقتضى أهوائهم لا من طبيعة دينهم.
ومحاسن الدين الإسلامي تتجلى بوضوح من خلال النظر في أوامر الإسلام ونواهيه؛ فإليك نبذة عن ذلك فيما يلي من أسطر:
أولاً: من أوامر الإسلام: الإسلام يأمر بأوامر عظيمة تنتظم بها الأمور المدنية، وتصلح بها حالة المعاش؛ فالإسلام في ذلك الشأن هو البحر الذي لا يدرك غوره، والغاية التي ليس بعدها أمل لآمل، ولا زيادة لمستزيد.
وهذه الأوامر حثَّ عليها الإسلام بأبلغ العبارات، وأقربها إلى الأفهام، وتوعد على الخروج عن هذه الجادة بالعقاب، ووعد من أخذ بها بجزيل الثواب.
فمن تلك الأوامر العظيمة التي جاء بها الإسلام ما يلي:
١ - الإسلام يأمرك بما تكون به كبير النفس عن التشبه بما دونك من أنواع الحيوانات، رفيعَ القدر عن أن تكون عبداً لشهواتك وحظوظك، عالي المنزلة عن أن تعظم غير ربك، أو تخضع لغير حكمه.