وبعد أن تبيَّن لك أيها القارىء الكريم من خلال الصفحات الماضية عظمةُ دين الإسلام، وشموله، وعدله، ومدى حاجة البشرية إليه - قد يخطر ببالك تساؤل فتقول:
إذا كان الإسلام بهذه العظمة والشموع والعدل - فلماذا لا نرى أهله في مقدمة الأمم في هذا العصر؟ ولماذا نرى كثيراً منهم بعيداً عن الاتصاف بما يأمر به الدين؟ وما مدى صحة ما يقال بأن الإسلام دين تطرف، وإرهاب؟.
والجواب عن ذلك يسير بحمد الله، وذلك من عدة وجوه:
١ - أن حال المسلمين في عصورهم المتأخرة لاتمثل حقيقة الإسلام: فمن الظلم وقصور النظر أن تُجْعَلَ حالُ المسلمين في هذه العصور المتأخرة - هي الصورة التي تمثل الإسلام، فيُظنَّ أن الإسلام لم يَرْفَعْ عنهم الذلة، ولا التفرق، ولا الفقر؛ فعلى من يريد الحقيقة بعدل وإنصاف أن ينظر إلى دين الإسلام من خلال مصادره الصحيحة من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه سلف الأمة الصالح، وأن ينظر إلى الإسلام من خلال الكتب التي تتحدث عنه بعدل وعلم، فسيتبين له أن الإسلام يدعو إلى كل صلاح ديني ودنيوي، وأنه يحث على الاستعداد لتعلم العلوم النافعة، وأنه يدعو إلى تقوية العزائم، وجمع الكلمة.
ثم إن انحرافات بعض المنتسبين إلى الإسلام - قَلَّتْ أو كثرت - لا يجوز بحال من الأحوال أن تحسب على الدين، أو أن يعاب بها، بل هو براء منها، وتبعة الانحراف تعود على المنحرفين أنفسهم؛ لأن الإسلام لم يأمرهم بذلك؛ بل نهاهم