للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأحسنهم بشراً، لا يهوله شيء من أمور الدنيا.

وكان يلبس ما وجد، فمرة شملة، ومرة جبة صوف، فما وجد من المباح لبس.

يركب ما أمكنه، مرة فرساً، ومرة بعيراً، ومرة بغلة شهباء، ومرة حماراً، أو يمشي راجلاً حافياً.

يجالس الفقراء، ويؤاكل المساكين، ويكرم أهل الفضل في أخلاقهم، ويتألف أهل الشرف في البر لهم، ويصل ذوي الرحم من غير أن يؤثرهم على من هو أفضل منهم.

لا يجفو على أحد، يقبل معذرة المعتذر إليه، يمزح ولا يقول إلا حقاً، يضحك من غير قهقهة، يسابق أهله، ترفع الأصوات عليه فيصبر.

وكان لا يمضي عليه وقت في غير عمل لله - تعالى - أو فيما لابد له منه من صلاح نفسه.

لا يحتقر مسكيناً لفقره وزمانته، ولا يهاب مَلِكاً لمُلكِهِ، يدعو هذا وهذا إلى الله دعاء مستوياً، قد جمع الله له السيرة الفاضلة، والسياسة التامة، وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب.

نشأ في بلاد الفقر والصحاري في فقره، وفي رعاية الغنم يتيماً، لا أب له، فعلمه الله - تعالى - جميع محاسن الأخلاق والطرق الحميدة، وأخبار الأولين والآخرين، وما فيه النجاة والفوز في الآخرة، والغبطة والخلاص في الدنيا.

ما كان يأتيه أحد إلا قام معه في حاجته، ولم يكن فظاً، ولا غليظاً، ولا

<<  <   >  >>