٣ - أن هذه المخلوقات لها خالق خلقها، ومُحْدِث أوجدها: وهو الله الخالق لكل شيء، الذي لم يسبق بعدم، ولا ينتهي بفناء.
وقد ذكر الله - عز وجل - هذا الدليل العقلي القاطع في القرآن الكريم فقال:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ}[الطور: ٣٥] .
يعني أنهم لم يخلقوا من غير خالق، ولا هم خلقوا أنفسهم؛ فتعين أن يكون خالقهم هو الله؛ فالمخلوق لابد له من خالق، والأثر لابد له من مُؤَثِّر، والمُحْدَث لابد له من مُحْدِث، والمصنوع لابد له من صانع، والمفعول لابد له من فاعل.
هذه قضايا واضحة، تعرف في بداهة العقول، ويشترك في إدراكها والعلم بها جميع العقلاء، وهي أعظم القضايا العقلية؛ فمن ارتاب فيها فقد دلَّ على اختلال عقله، وبرهن على سفهه، وفساد تصوره.
وهذه الحقائق معروفة لدى العقلاء من غير المسلمين، ومن نظر في كتاب [الله يتجلى في عصر العلم] وقد كتبه ثلاثون من علماء الفلك والطبيعة ممن انتهت إليهم الرياسة في هذه العلوم - أدرك أن العَالِمَ الحقيقيَّ لا يكون إلا مؤمناً، والعامي لا يكون إلا مؤمناً، وأن الإلحاد والكفر إنما يبدوان من أنصاف العلماء، وأرباع العلماء ممن تعلَّم قليلاً، وخسر بذلك الفطرة المؤمنة، ولم يصل إلى الحق الذي يدعو إليه الإيمان.
وقريب من الكتاب السابق كتاب آخر اسمه [الإنسان لا يقوم وحده] وترجم للعربية بعنوان: [العلم يدعو للإيمان] .