وإنما شرعت لحِكَمٍ عظيمة، ومصالح كثيرة، لا يحاط بعدّها وحصرها.
فمن فضائل العبادة: أنها تزكي النفوس، وتطهرها، وتسمو بها إلى أعلى درجات الكمال الإنساني.
ومن فضائلها: أن الإنسان محتاج إليها أعظم الحاجة، بل هو مضطر لها أشد الضرورة؛ فالإنسان بطبعه ضعيف، فقير إلى الله، وكما أن جسده بحاجة إلى الطعام والشراب - فكذلك قلبه وروحه بحاجة إلى العبادة والتوجه إلى الله، بل إن حاجة قلبه وروحه إلى العبادة أعظم بكثير من حاجة جسده إلى الطعام والشراب؛ فإن حقيقة العبد قلبه وروحه، ولا صلاح لهما إلا بالتوجه إلى الله بالعبادة؛ فلا تطمئن النفوس في الدنيا إلا بذكر الله وعبادته، ولو حصل للعبد لذَّات أو سرور بغير الله فلا يدوم، وقد يكون ذلك الذي يتلذذ به لا لذة فيه ولا سرور أصلاً.
أما السرور بالله والأُنس به - عز وجل - فهو سرور لا ينقطع ولا يزول؛ فهو الكمال، والجمال، والسرور الحقيقي؛ فمن أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية لله وحده؛ ولهذا فإن أهل العبادة الحقة هم أسعد الناس، وأشرحهم صدراً.
ولا يوجد ما يسكن إليه العبد ويطمئن به، ويتنعم بالتوجه إليه حقاً إلا الله.
ومن فضائل العبادة: أنها تسهل على العبد فعل الخيرات، وترك المنكرات، وتسليه عند المصائب، وتخفف عليه المكاره، وتهون الآلام، فيتلقاها بصدر منشرح، ونفسٍ مطمئنة.