فقد ثبت في أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم: (أتته بواكي " أي يسألنه أن يتوسل إلى الله عز وجل وأن يستسقى الله سبحانه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم أغثنا غيثاً مغيثاً " أي تزول به الشدة " مريئاً " هو السهل النافع للباطن " مريعاً " المريع هو المخصب الذي يخصب الأرض فتنتفع به الأرض، وضبطت " مُريعاً " من الربيع " نافعاً غير ضار عاجلاً غير آجل) .
وثبت عنه كما روى ذلك أبو عوانة في صحيحه – فيما ذكره الحافظ في البلوغ – من حديث سعد بن أبي وقاص: أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى فقال: (اللهم جللنا " أي عممنا " سحاباً كثيفاً قصيفاً " القصيف هو ذو الرعد " دلوقاً " أي متدفقاً بشدة " ضحوكاً " أي كثير المطر " تمطرنا منه رُذاذاً " الرذاذ هو دون الطش " قِطْقِطاً " وهو ما دون الرذاذ " سَحْلاً يا ذا الجلال والإكرام) .
وثبت عنه أيضاً في سنن أبي داود بإسناد حسن أنه قال – في استسقائه عليه السلام:(اللهم أسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت) رواه أبو داود بإسناد جيد.
فيدعو بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم استحباباً، ويزيد ما شاء من الدعاء المباح المناسب للمقام من طلب السقيا من الله عز وجل.
* واعلم أن الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته في الاستسقاء يدل على أنه لم يكن يخطب خطبة يعظ فيها الناس ويذكرهم وإنما كان – عليه الصلاة والسلام – يشتغل في خطبته بدعاء الله عز وجل وإخبارهم أن الله يجيب الدعوة – كما تقدم في حديث عائشة - ولم يكن – عليه الصلاة والسلام – يعظهم ولا يذكرهم ولا يعلمهم شيئاً من الأحكام، ولذا قال ابن عباس – في حديثه المتقدم -: (لم يخطب خطبتكم هذه ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير) .