فإذن هي خطبة ليست كخطبة الجمعة ولا العيد ولا نحوهما مما تكون فيها المواعظ والتذكير، بل هي خطبة يشتغل بها الإمام بدعاء الله ويؤمّن الناس من خلفه.
ويستحب له أن يقلب رداءه وهو رافع يديه، فقد تقدم حديث عائشة في رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه بالدعاء ودعوته العامة التي أمّن الناس عليها قالت:(ثم حول إلى الناس ظهره) - أي لما دعا الدعاء الذي رفع به الصوت – حول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة وقلب رداءه وهو رافع يديه.
فيستحب للإمام والمصلين أن يقلبوا أرديتهم.
وقد ثبت هذا في الحديث المتفق عليه المتقدم من حديث عبد الله بن زيد ابن عاصم المازني وفيه:(وحول رداءه) . وصفة قلب الرداء: أن يجعل أيمن الرداء الواقع على الكتف الأيمن يجعله على الكتف الأيسر، ويجعل أيسره وهو الواقع على الكتف الأيسر في الطبيعة يجعله على الكتف الأيمن ويجعل ظاهره في موضع باطنه، وباطنه في موضع ظاهره.
يدل عليه: ما ثبت في أبي داود بإسناد صحيح قال: (فجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر وعطافه الأيسر على عاتقه الأيمن) .
وأما كونه جعله ظهراً لبطن، فقد ثبت هذا في مسند أحمد بإسناد صحيح وفيه:(فجعله ظهراً لبطن) .
- وذهب بعض أهل العلم: إلى أنه يستحب له أن يأخذه من أسفل أي يأخذه من أسفل الرداء ويرفعه إلى الأعلى، فيكون الأعلى في موضع الأسفل والأسفل في موضع الأعلى.
واستدلوا: بما رواه أبو داود في سننه: أن النبي صلى الله عليه وسلم: (استسقى وعليه خميصة [له] سوداء، فأراد أن [يأخذ] بأسفلها فيجعله أعلاها [فلما] ثقلت عليه قلبها على عاتقه)(١) أي حول العاتق الأيمن إلى العاتق الأيسر وهذا الحديث: إنما هو ظن من الراوي بدليل أن الصحابة قد حولوا أرديتهم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم من فعله، ولم يفعلوا ما همّ به، ففي مسند أحمد:(وحول الناس أرديتهم) .