للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال إبراهيم النخعي – كما روى ذلك ابن أبي الدنيا بإسناده – قال: " كانوا – أي السلف – يستحبون أن يذكر للميت محاسن عمله حتى يحسن الظن بربه " (١) .

وهذا أمر ظاهر فيستحب أن يذكر بما يقتضي موته مع كونه محسناً الظن بربه عز وجل، فإن المقام مقام رجاء لا مقام خوف.

قال: (ويوجهه إلى القبلة)

أي: يستحب أن يوجهه إلى القبلة.

ودليل ذلك: ما رواه الحاكم أن البراء بن معرور رضي الله عنه: أوصى بثلث ماله للنبي صلى الله عليه وسلم، وأوصى أن يوجه وهو يحتضر إلى القبلة، فقيل ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أصاب الفطرة، وأمر برد ثلثه إلى أهله) (٢)

والحديث: فيه نُعيم بن حماد وله مناكير، لكن له شاهد عند البيهقي من حديث كعب بن مالك (٣) فالأثر حسن إن شاء الله فيستحب أن يوجه إلى القبلة.

فيضطجع على شقه الأيمن متوجهاً إلى القبلة، وإن شق عليه أن يضطجع على شقه الأيمن فإنه يستلقي ويجعل رجليه إلى القبلة ويرفع وجهه ويوجه إلى القبلة، وهذا في الغالب أسهل على الميت.

قال: (فإن مات سن تغميضه)

فقد ثبت في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أبي سلمة وقد شُقَّ بصره فأغمضه وقال: (إن الروح إذا قبضت اتَّبعه البصر) (٤)

وكره الإمام أحمد أن يغمضه جُنُب أو حائض، ولم أر دليلاً يدل على ذلك.

ولا شك أن الأولى أن يكون من يغمضه من أهل الخير والصلاح كما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأن يتولى القيام بأمره من كان كذلك.


(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [٣ / ٥٣٩] ، كتاب الجنائز، باب (٢٢) ما يستحب من توجيهه نحو القبلة (٦٦٠٤) ، (٦٦٠٥) .
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب (٤) في إغماض الميت والدعاء له إذا حُضر (٩٢٠) بلفظ: (إن الروح إذا قبض تَبِعَهُ البصر) .