ولما ثبت في مسند أحمد وسنن أبي داود بإسناد صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما مات قال الصحابة رضي الله عنهم:(والله ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يجرد موتانا فلما اختلفوا أُلقي عليهم النوم فكلمهم مكلم من ناحية البيت أن اغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثيابه فغسلوه وعليه قميصه يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه والقميص دون أيديهم)(١)
فهذا يدل على أنه متى حصل إنقاء في الغسل وعجز عن الغسل التام فوجد مانع يمنع الغسل التام سواء كان هذا المانع شرعي كما كان ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم أو غير ذلك فإنه حينئذٍ يجوز أن يغسل بصب الماء عليه، وهذا لا شك أولى من التيمم.
إذن: الراجح أن يقال في هذه المسألة تفصيل:
فإن كان الغسل يحصل به الإنقاء، فإنه يغسل ولو كان ذلك بصب الماء على قميصه.
وأما إن كان لا يحصل به الإنقاء، فإنه ييمم.
وظاهر قول المؤلف وإن كانت النسوة من محارمه، وإن كان الرجال من محارمها، وهو مذهب الحنابلة.
فإذا مات الرجل بين النساء وإن كانت النساء من محارمه أو تموت المرأة ومعها أبوها أو أخوها ورجال أجانب – فإنهم – حينئذٍ – لا يغسلونها بل ييممونها.
فالمشهور في المذهب أن الرجال المحارم لا يجوز أن يغسلوا المرأة وإن كانت من محارمهم، وأن النساء المحارم لا يغسلن الرجل المحرم لهن، وهذا القول ضعيف.
والصحيح ما ذهب إليه المالكية والشافعية: من جواز فعل ذلك لكن مع ستر العورة، فيستران العورة، ثم يقومان بالغسل، وإذا احتاج إلى الاطلاع على العورة لتمام الغسل فإن ذلك يكون معفواً عنه؛ لأن ذلك من باب الحاجة كما يجوز أن يطلع الطبيب ونحوه على شيء من عورة المرأة أو الرجل للحاجة إلى ذلك، فكذلك هنا وقد قال تعالى:{فاتقوا الله ما استطعتم}
(١) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب (٣٢) في ستر الميت عند غسله (٣١٤١) .