فالراجح: أن الرجل المحرم والمرأة المحرم يجوز لهما أن يقوما بغسل المحرم من غير جنسهما، فالمرأة تغسل الرجل من محارمها، والرجل يغسل المرأة من محارمه إن عدم الجنس الموافق له، أما إن لم يعدم فذلك لا يجوز. فإذا وجدت المرأة وإن كانت أجنبية فهي التي تقوم بالغسل دون الرجل، أما إذا عدم فإنه يقوم به الرجل لقوله تعالى:{فاتقوا الله ما استطعتم} ولأنه أولى بالاطلاع على شيء من عورتها من الطبيب عند الحاجة، فإن الطبيب أجنبي وعند الحاجة يجوز.
وهو أولى من ذلك؛ لأنه محرم لها وهي أيضاً محرمة له ولا شك أن اطلاع المحرم على شيء من العورة يبعد أن يكون لشهوة.
قال:(ويحرم أن يغسل مسلم كافراً)
لا يجوز للمسلم إن مات كافر أن يغسله.
قالوا: لأن التغسيل تطهير له وهو لا يتطهر بذلك.
- وقال الشافعية: بل يغسله، وهذا أظهر؛ لأنه يحتاج إلى التغسيل، والتغسيل له إحسان له، والله - عز وجل - لم ينه عن الإحسان إلى الكفار بل يحسن إليهم كما يحسن إلى المسلمين إلا أن يكون حربياً فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يحسن إليه بشيء؛ لأن الله نهانا عن الإحسان إليهم.
فإذا كان كافراً غير حربي فالأظهر جواز تغسيله لأن ذلك من باب الإحسان إليه والإحسان إلى الكفار معتبر كما دلت عليه الآية الكريمة:{لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم}(١)
وقد روى ابن أبي شيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم:(أمر علياً أن يغسل أباه أبا طالب لما مات)(٢) لكن الحديث مرسل من مراسيل الشعبي فإسناده ضعيف.
قال:(أو يدفنه بل يوارى لعدم من يواريه)
أما الدفن فإنه لا يدفن كما يدفن المسلمون بل يرمى في حفرة يوارى فيها.