للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولفظ المقنع – وهو أظهر – إطلاق ذلك وأنه يغسل سائر البدن بالرغوة. لكن إذا كانت الرغوة قليلة فإنه يكتفى بها - كما هو المشهور في المذهب – على الشعر واللحية، وأما سائر البدن، فإنه يغسل بالماء المتبقي من الثغل أو الكدر أو نحوه من السدر، أما إذا كانت الرغوة تكفي البدن كله، فإنها تغسل بها البدن، كما هو قول الموفق في أصل هذا الكتاب، وهو أظهر.

لكن إن كانت الرغوة قليلة، فالشعر واللحية أحق بها؛ لأن سقوط الثغل والكدر في الشعر يصعب إزالته.

وظاهر حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي فيه ذكر السدر أنه يوضع في كل غسلة، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيحين من حديث أم عطية، قالت: " دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نغسل ابنته، فقال: (اغسلنها ثلاثاً أو خمساً – وفي رواية: أو سبعاً – أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الأخيرة كافوراً أو شيئاً من كافور) (١) .

وظاهر ذلك أن كل هذه الغسلات يكون فيها الماء والسدر، وهو نص الإمام أحمد.

وسئل على إشكال يطرأ على ذلك، وهو أن الغسلة الأخيرة – حينئذ – يبقى على البدن شيء من ورق السدر أو من دقيق السدر الذي يكون في الماء الذي وضع فيه السدر، فقال رحمه الله: " هو نقي وقال عطاء: " هو طهور "، وهو كما قالا. فإنه ليس من الشرط أن يزال هذا الثغل أو هذا الكدر الذي يكون مع الماء من السدر، فإنه لو بقي فلا أثر له، بل هو طهور نقي.

لكن إن صب عليه الماء لإزالته، فلا بأس.

قال: [ثم يغسل شقه الأيمن ثم الأيسر، ثم كله ثلاثاً]

أي يشرع في صب الماء، فيصب على الجهة اليمنى ثم الجهة اليسرى؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها) .


(١) تقدم.