للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا الحديث يدل على أن المستحب أن يُبدأ بالميامن، فيبدأ بشقه الأيمن ثم شقه الأيسر، ثم يصب الماء عليه كله، ويكون ذلك ثلاث مرات. وهذا هو المستحب؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (اغسلنها ثلاثاً) .

فإن اكتفى بغسله مرة واحدة أجزأ ذلك، وهو خلاف ما يستحب، فالمستحب أن يغسل الميت ثلاثاً.

لكن إن غسله مرة أجزأ ذلك؛ لإطلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: (اغسلوه بماء وسدر) ، فهذا يدل على أن المجزئ هو تعميم البدن بالغسل، لكن المستحب أن يغسله ثلاثاً فأكثر على حسب المصلحة.

قال: [ثم (١) يمر في كل مرة يده عل بطنه]

يعني: يحرك بطنه في كل مرة من مرات التغسيل حتى يخرج ما هو متهيئ للخروج.

قال: [فإن لم ينق بثلاث، زيد حتى ينقي ولو جاوز السبع]

إذا لم ينق الثلاث، فإنه يزيد رابعة فخامسة، فإن لم ينق، زاد سادسة فسابعة فأكثر من ذلك حتى ينقي؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك) .

وقوله: (إن رأيتن ذلك) أي على حسب المصلحة، لا على حسب التشهي.

وظاهر كلام المؤلف – وهو مذهب الحنابلة – أن ذلك مربوط بخروج الخارج.

بمعنى: أنه لو كان البدن نقياً بثلاث غسلات، لكن خرج شيء من السبيلين، فإنه يعيد الغسل كاملاً مرة رابعة فخامسة، وهكذا.

وذهب جمهور العلماء: إلى أنه يوضئه حينئذ؛ لأن التكرار المتقدم إنما هو حيث كانت المصلحة في تكراره على البدن كله.

أما هنا فإن المصلحة في صب الماء على السبيلين فحسب. قالوا: فحينئذ يوضئه.

وما ذهبوا إليه – مع أنه أقوى من القول الأول -، لكن الأظهر ألا يقال بتوضئته، بل وإنما يقال بمجرد صب الماء على السبيلين فيزال الخارج.


(١) كذا في الأصل، وفي نسخة للزاد بدون " ثم ".