ودليل ذلك: ما رواه الحاكم بإسناد جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما قتل حنظلة بن عبد الله بن الراهب قال: (إن صاحبكم تغسله الملائكة فسئلت صاحبته فقالت: " إنه خرج لما سمع الهيعة - الصوت الفزع وهو منادي الجهاد - وهو جنب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لهذا غسلته الملائكة)(١)
قالوا: فهذا دليل على أن الجنب يغسل، فإن الملائكة قد غسلت حنظلة بن الراهب رضي الله عنه.
- وقال المالكية والشافعية وهو رواية عن الإمام أحمد: لا يغسل، وهو القول الراجح.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بما تقدم من أن حنظلة غسلته الملائكة، والملائكة غير مكلفين بغسل الميت، وإنما المكلف هم من علم بحاله من بني آدم، وأما الملائكة فله حكم آخر، فلم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أولياءه أن يغسلوه لكونه جنباً وإنما اكتفى بالخبر أن الملائكة قد غسلته، فهذا خبر من النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يأمر بتغسيله.
والأحاديث المتقدمة التي فيها أن الشهيد لا يغسل أحاديث عامة ممن مات جنباً أو طاهراً.
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [٤ / ٢٢] كتاب الجنائز، باب (٨٢) الجنب يستشهد في المعركة (٦٨١٤) قال: " حدثنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو الحسين بن يعقوب الحافظ، أنبأ محمد بن إسحاق بن إبراهيم، ثنا سعيد بن يحيى الأموي، حدثني أبي قال: قال ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن جده في قصة أحد: وقتل شداد بن الأسود الذي كان يقال له ابن شعوب حنظلة بن أبي عامر، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن صاحبكم تغسله الملائكة فاسألوا صاحبته) فقالت: خرج وهو جنب لما سمع الهائعة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لذلك غسلته الملائكة) . وانظر (٦٨١٥) (٦٨١٦) .