للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن قتل ظلماً فإنه لا يغسل، لأن المقتول في سبيل الله قد قتل ظلماً وبغير حق - وهذا كذلك – أي المقتول ظلماً لمال أو عرض أو غير ذلك له هذا الحكم.

هذا هو المشهور في مذهب الإمام أحمد.

وذهب جمهور الفقهاء وهو رواية عن الإمام أحمد: أن من قتل ظلماً فإنه يغسل ويصلى عليه.

وهذا هو القول الراجح الصحيح، فإن عمر رضي الله عنه قد قتل ظلماً وعثمان وعلي وغيرهم، وكانوا يغسلون ويكفنون، ويصلى عليهم، وإن كانوا شهداء، ومع ذلك لم يثبت هذا الحكم فيهم، وإنما ثبت في شهيد المعركة.

بل لو قتل المسلم في أيدي الكفار لكن ذلك عن طريق الاغتيال، ونحوه مما لا يكون فيه قتال ظاهر، فإنه ليس له هذا الحكم.

فعمر قتله أبو لؤلؤة المجوسي، وهو شهيد كما قال صلى الله عليه وسلم لأحد: (اثبت فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان) (١) فالصديق أبو بكر والشهيدان عمر وعثمان.

ومع ذلك فإنه – أي عمر – قد كفن كما ورد ذلك في البيهقي وغيره وهو مشهور عنه، وكذلك علي كما في البيهقي وغيره (٢) ، ولم يخالف في ذلك أحد من أهل العلم.

فعلى ذلك القتيل الذي يقع قتله في غير الصف يبقى على الحكم الأصلي من التغسيل والتكفين.

قال: (إلا أن يكون جنباً)

أي شهيد المعركة لا يغسل إلا أن يكون جنباً.


(١) أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة، باب (٥) قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كنت متخذا خليلا (٣٦٧٥) . وفي باب (٦) مناقب عمر بن الخطاب (٣٦٨٦) ، وانظر (٣٦٩٧) .
(٢) السنن الكبرى للبيهقي [٤ / ٢٥] رقم (٦٨٢٠) (٦٨١٩) فيه قصة عمر رضي الله عنه وفيهما: أنه غسل وكفن وصلي عليه، وأما أثر علي فرقمه (٦٨٢١) لكن بلفظ: " أن الحسن صلى على علي رضي الله عنهما ". قال ابن التركماني: " يريد بذلك الرد على أبي حنيفة، فإن البيهقي حكى عنه في الخلافيات أنه من قتل بالمصر ظلما بالمحدد لم يغسل عنده "، حاشية السنن الكبرى للبيهقي [٤ / ٢٥] .