للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: (وإن سقط عن دابته أو وجد ميتاً ولا أثر به ... غسل وصلي عليه)

تقدم أن شهيد المعركة لا يغسل ولا يصلى عليه، وهنا استثناء فإذا سقط عن دابته بغير فعل من الكفار أو وجد ميتاً ولا أثر به فليس هناك جرح يدل على أن هذا الموت كان بسبب الكفار، فإنه يغسل ويصلى عليه.

- هذا هو مذهب جمهور الفقهاء ومنهم الحنابلة.

قالوا: لأن الأصل هو تغسيل الميت إلا ما ورد استثناؤه وهو شهيد المعركة وهذا لم يكن قتيلاً في المعركة وإنما حدث الموت له أثناء المعركة.

- وقال الشافعية وهو قول القاضي من الحنابلة: أنه له حكم الشهداء – حينئذٍ –؛ فإنه قد مات وهو يقاتل في سبيل الله ولا يبعد أن يكون السبب هو ذات القتال، وإن لم يكن ذلك ظاهراً، فإن ذلك وإن لم يظهر لنا لكن الاحتمال فيه قوي، فمظنة سقوطه وموته أن يكون ذلك من الكفار، ولذا فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه.

ولأنه – في الحقيقة – في حكم الشهداء فكان ينبغي أن يلحق بهم، والله أعلم.

* وهنا مسألة قريبة من هذه المسائل: وهي فيمن أصابه سيفه أو أصابته رمية من جهة المسلمين، فكان في ذلك حتفه، فما الحكم؟

قال الحنابلة في المشهور عندهم وهو مذهب الجمهور: إنه يغسل ويصلى عليه.

وقال الشافعية، وهو اختيار الموفق والقاضي من الحنابلة: له حكم الشهداء.

واستدلوا:

بما ثبت في صحيح مسلم عن سلمة بن الأكوع قال: (لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالاً شديداً " وهو عامر بن الأكوع " فارتد عليه سيفه فقتله فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وشكوا فيه: " في شهادته في سبيل الله " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنه مات جاهداً مجاهداً) (١) فكان له حكم الشهداء.


(١) أخرجه مسلم في كتاب (٣٢) الجهاد والسير، باب (٤٣) غزوة خيبر (١٨٠٢) .