الشرط [الثالث] هذا من باب القياس الظاهر على الأثمان.
قال:[زكى قيمتها]
فإذا بلغت نصاباً، فإنها تزكى ويخرج زكاتها قيمة، فيكون المخرج القيمة لا العين. هذا هو المشهور عند الحنابلة. فإذا بلغت تجارته عشرين ديناراً فيجب عليه أن يتصدق بنصف دينار.
قالوا: لأن نصابها تعتبر فيه القيمة، فاعتبرت - أي القيمة - بالمخرج منها، فإنا إذا أردنا أن ننظر هل بلغت النصاب أم لم تبلغه فإنا ننظر على قيمتها، فإن بلغت القيمة النصاب أوجبنا الزكاة فيها، قالوا: وكذلك المخرج، فيجب أن يخرج القيمة، ولا يجوز له أن يخرجها من أعيان تجارته، فليس له أن يخرجها ثياباً أو نحو ذلك.
- وقال بعض الشافعية: بل تجب الزكاة في عينها، فعليه أن يخرج ربع العشر مما عنده من الأموال التي هي سوى الأثمان، فإذا كان عنده أقمشة فيخرج أقمشة ونحو ذلك.
قالوا: قياساً على سائر الأموال الزكوية، فكما أن الزروع تخرج زكاتها حباً والثمار يخرج زكاتها ثمراً والمواشي كذلك، فكذلك عروض التجارة.
ويمكن أن يجاب عليهم بالفارق، فيقال: الفارق بينهما أن المواشي نصابها مواشي والثمار نصابها ثمار، والزروع نصبها حبوب، وأما هنا فإن نصابها بالقيمة، فكان القدر المخرج منها أيضاً بالقيمة.
- وقال الأحناف، وهو اختيار شيخ الإسلام: يجوز أن يخرج قيمة ويجوز أن يخرج عيناً.
أما كونه يجوز له أن يخرجها من أعيان هذه الأموال؛ فلأن الزكاة في الأصل تجب من عين المال، لقوله تعالى:{خذ من أموالهم صدقة} ، فالزكاة تؤخذ من المال.
وأما كونه يجوز أن يخرج قيمةً – ولم أره لشيخ الإسلام – فلعل ذلك بالنظر إلى نصابها، أو لأن المقصود منها القيمة.
وهذا هو الأرجح، فإن إخراجها من عين ماله جائز؛ وذلك لأن الأصل في الزكاة أن تخرج من عين المال، لأن المقصود منها المواساة، فلم يكلفها الغني من غير ماله.