للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذاً: ما عليه أهل العلم هو الذي دلت عليه الأدلة الشرعية، وأما ما ذهب إليه الظاهرية، فلا يلتفت إليه لمخالفته ما تقدم، ولمخالفته الإجماع. وباتفاق العلماء أن الزكاة تجب في عروض التجارة عند مضي الحول، لعموم الآثار المتقدمة: " لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول " (١) ، فإذا مضى الحول وجبت الزكاة.

قال: [إذا ملكها بفعله]

أي باختياره، كالخلع والصداق والهبة والوصية والشراء ونحو ذلك، فالمقصود أنه وقع التملك على هذا السلعة باختياره لا قهراً عنه، ليخرج من ذلك ما يتملكه العبد بالإرث، فإنه يتملكه قهراً لا اختياراً، بحيث أنه بمجرد ما يموت الميت وله مال فإن هذا الوارث يمتلك نصيبه بموته، وإن كان له أن يتنازل عنه، لكن المقصود أنه يدخل في ملكيته قهراً عنه فليس باختياره.

فذكر شرطاً، وهو أن يكون ملكية هذه السلعة بفعله واختياره لا قهراً. هذا هو الشرط الأول.

قال: [بنية التجارة]

هذا هو الشرط الثاني، وهو أن تكون بنية التجارة. فإن كانت بنية القنية فلا تجب فيها الزكاة، فلو اشترى أرضاً على أنه يريد أن يبنيها فيسكنها، فهذه قنية، أو اشترى ثياباً بنية أن يلبسها أو يهديها، فإن الزكاة لا تجب.

فالشرط الثاني: هو أن تكون بنية التجارة أي من وقت ملكيتها. وسيأتي الكلام على هذين الشرطين.

قال: [وبلغت قيمتها نصاباً]

وباتفاق العلماء أن نصابها نصاب الأثمان، أي نصاب الذهب والفضة، والشارع لم يضع لها نصاباً لكثرتها وانتشارها؛ ولأن الاعتبار فيها بقيمتها، فإنها تباع وتشترى بالأثمان، فكان نصابها نصاب الذهب والفضة، فإذا بلغت النصاب من الذهب والفضة فيجب فيها الزكاة.

إذاً: تنظر قيمتها، فإذا بلغت نصاباً وجبت فيها الزكاة. وعليه: فإذا كانت عنده أمتعة لا تباع إلا بمئة درهم أو عشرة دنانير، فإن الزكاة لا تجب عليه؛ لأنها لم تبلغ نصاباً، ولا خلاف بين العلماء في هذا.


(١) تقدم.