للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأما دليل الإجماع، فقد حكى غير واحد من أهل العلم، كابن المنذر وأبي عبيد القاسم بن سلام إجماع العلماء على وجوب الصدقة في الأموال التجارية.

أما دلالة أقاويل الصحابة، فقد صح ذلك عن عمر كما في البيهقي وغيره (١) ، وصح عن ابنه كما في البيهقي (٢) ، وصح عن ابن عباس كما في كتاب الأموال لأبي عبيد (٣) ، ولا يعلم لهم مخالف، فيكون قولهم إجماعاً وحجة.

- وذهب الظاهرية إلى أن الزكاة غير واجبة في عروض التجارة، واختار هذا القول الشوكاني في نيل الأوطار وغيره.

واستدلوا بالأصل، قالوا: الأصل براءة الذمة من الزكاة، فلا تجب الزكاة إلا بدليل، قالوا: ولا دليل يدل على ذلك.

وهذا ظاهر البطلان، فقد تقدمت الأدلة الدالة على وجوبها من عمومات النصوص الشرعية في القرآن ومن الحديث والمتقدم، وهم محجوجون بالإجماع الذي تقدم ذكره.

واستدلوا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق من تمر ولا حب صدقة) ، قالوا: وأنتم توجبون الزكاة فيما إذا بلغ الحب أربعة أوسق أو التمر، وقد أعد للتجارة. وهذا ظاهر، فإن الذين يوجبون الزكاة في العروض التجارية إذا كان عنده دكان فيه أربعة أوسق من الحب للبيع والتجارة، فإن الزكاة تجب فيها؛ لأنها عروض التجارة.

والجواب عن هذا أن يقال: إن هذا باب آخر، فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق من تمر ولا حب صدقة) (٤) ، هذا في زكاة الحبوب والثمار التي تجب عند الحصاد ويراعى فيها عينها، وأما عروض التجارة فإن زكاتها زكاة حولية وتراعى فيها قيمتها، فهذا باب آخر.


(١) السنن الكبرى للبيهقي [٤ / ٢٤٨] رقم (٧٦٠٣) .
(٢) رقم (٧٦٠٥) .
(٤) تقدم قريباً.