وفيما ذكره – فيما يظهر لي – قوة؛ وذلك لأن قضية الادخار غير معتبرة في صدقة الفطر، فإن المقصود هو إغناء الفقير عن المسألة في يومه ذلك، ولذا أوجبناها على الفقير نفسه إن فضل له عن حاجة يوم العيد وليلته صاع، فليس المقصود الادخار إذ أنها تخرج منه فإن الرجل الذي لا يملك إلا صاعاً من بر وهو فاضل عن قوت يوم العيد وليلته هو فقير ونوجب عليه إخراج هذا الصاع وننهاه عن ادخاره فدل على أن الادخار غير مقصود وأن المقصود هو أن يكون له طعمة في ذلك اليوم.
فما اختاره ابن عقيل قوى، لكن الأحوط ما ذهب إليه الحنابلة في المشهور عندهم وغيرهم.
قال:(ويجوز أن يعُطي الجماعةُ ما يلزم الواحد)
الذي يلزم الواحد هو الصاع، فيجوز أن يدفعه إلى جماعة من الناس بمعنى أن يقسم الصاع على أكثر من مسكين؛ لأنه فعل الواجب عليه، فقد أخرج صاعاً من طعام ففعل الواجب عليه.
- وقال بعض الحنابلة: لا يجزئه. وهو ظاهر اختيار شيخ الإسلام وأن الصاع هو القدر الذي يحتاج إليه الفقير الواحد وقد قال صلى الله عليه وسلم طعمة للمساكين، ولا شك أنه إذا قسم بينهم هذا حفنة وهذا حفنة، فإن هذا لا يكون لهم طعاماً.
فالأظهر أنه لا يجزئه ذلك، وأن الواجب إخراج القدر المجزئ بشرط أن يكون هذا القدر المجزئ طعاماً، وتحديد الشارع للصاع؛ لأن الصاع هو القدر الذي يحتاج إليه الفقير في طعامه، فلا يجزئه أن يقسم الصاع بين أكثر من مسكين وقد يتساهل فيما إذا كان الصاع يكفي أكثر من مسكين، كأن يقسمه بين مسكينين أو ثلاثة بحيث يكون القدر المعطى لكل شخص منهم أن يكون كافياً لطعامه – قد يتساهل بهذا -.
أما أن يقسم بينهم بحيث لا يكفيهم كأن يقسم بين عشرة ونحو ذلك فإن هذا غير مجزئ؛ لأنه لم يحصل به طعمة للمسكين. هذا هو ظاهر اختيار شيخ الإسلام.