للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واستثنى فيما إذا كان هناك مضطرون بحيث إنّا إذا قسمنا الصاع بينهم لكل شخص حفنة أنجيناهم من الهلكة والموت فحينئذ – يجوز أن يفرق بينهم، وهذا ظاهرٌ لاقتضاء المصلحة له.

إذن: الأظهر أن هذا الصاع يجب أن يعطى للمسكين؛ لأنه هو القدر الذي يحتاج إليه وبه تندفع حاجته لكن قد يتساهل في هذا ويقال بقول الجمهور إذا كان القدر المعطى يكفي المسكين يومه وليلته فإنه قد يتساهل بهذا كما تقدم.

قال: (وعكسه)

أي ويجوز عكسه وذلك أن يعطى الواحد ما يلزم الجماعة يعني جماعة أخرجوا صدقة الفطر إلى شخص واحد، قال الموفق: (لا نعلم خلافاً بين أهل العلم فيه) (١) .

وذلك لأن هذه الصدقة قد أعطيت مستحقها فبرئت الذمة.

ولو قال قائل: بعدم الإجزاء إلا أن يكون الفقراء قليل لكان قولاً قوياً؛ وذلك لما تقدم من أن زكاة الفطر يؤمر بها الفقير فلا يقصد منها الادخار بل يقصد منها طعمة يومه، وطعمة يومه إنما تكون بصاع كما تقدم فعلى ذلك إذا أعطي أكثر من ذلك فإنما يكون للادخار فلا يناسب شرعاً أن تؤخذ من فقير فتعطى فقيراً آخر فيؤخذ منه ما يمكن أن يدخره فيعطى غيره ليدخره – هذا محل نظر ظاهر.

لكن إن كان أغلب أهل البلد أغنياء يخرجون صدقة الفطر عن يسر – كما يقع هذا كثيراً في بلادنا – والفقراء قليل، فيعطون هذه الأموال وإن كانوا يدخرونها، فإن هذا جائز.


(١) قال ابن قدامة في المغني [٤ / ٣١٦] ما نصه: " أما إعطاء الجماعة الواحد فلا نعلم فيه خلافاً ".