فالأفضل – عندهم – أن يدفعها بنفسه ويفرقها بنفسه سواء كانت الأموال الظاهرة أو الباطنة، قالوا: لأنه بذلك يتيقن وصولها إلى مستحقيها.
وقال بعض الحنابلة كأبي الخطاب وهو مذهب الشافعية: بل الأفضل له أن يدفعها إلى الإمام، وهو رواية عن الإمام أحمد في الأموال الظاهرة وفي صدقة الفطر.
وهذا القول هو الظاهر وأن الأفضل أن يدفعها إلى الوالي؛ وذلك لأنه بهذا الفعل تزول التهمة عنه ولأن الصحابة كانوا يدفعونها إلى العمال والسعاة، وكانت تجبى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وكان الناس يدفعونها إلى السعاة كما هو مشهور في غير ما حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا القول هو الأرجح، وأن الأفضل له أن يدفعها إلى الإمام إن كان الإمام عادلاً يضعها في مواضعها.
وظاهر كلام المؤلف أن له أن يدفعها إلى الإمام مطلقاً، لأنه قال:(الأفضل له أن يفرقها بنفسه) وظاهره أنه إن دفعها إلى الإمام جاز ذلك مطلقاً سواء كان الإمام عدلاً أو جائراً، وإن علم أنها تصرف في غير مصارفها وتوضع في غير مواضعها هذا هو المشهور عند الحنابلة.
فإن كان الإمام عادلاً ويضعها في مواضعها فلا إشكال في جواز دفعها إليه بل أفضلية ذلك – كما تقدم –.
وأما إن كان الإمام لا يضعها في مواضعها ولا يدفعها إلى مستحقيها وأمكنه أن يكتمها عنه فمذهب المالكية والشافعية وهو اختيار القاضي من الحنابلة وصوبه صاحب الإنصاف: أنه ليس له أن يدفعها – حينئذ – إلى الإمام. وهذا هو القول الراجح؛ وذلك لأن مقصود الشارع إيصالها إلى مستحقيها وحيث دفعت إلى سلطان لا يضعها مواضعها فإن في ذلك تضييعاً للحق عن صاحبه.
هذا حيث لم تترتب فتنة، بين الحاكم والمحكوم أما إن ترتب فتنة فإن ذلك لا يجوز للفتنة.
أما إذا كان الإمام عادلاً، فإن المشهور عند الحنابلة جواز دفعها إليه وله أن يصرفها بنفسه وتقدم أن المستحب له أن يدفعها إلى الإمام.