للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذا كانت الأموال باطنة فقد أجمع العلماء على أنه يجوز له أن يصرفها بنفسه ولا يجب عليه أن يدفعها إلى الإمام.

أما أن كانت الأموال ظاهرة:

فقال الحنابلة والشافعية: يجوز له أن يفرقها بنفسه ولا يجب أن يدفعها إلى الإمام.

وقال المالكية والأحناف: بل يجب أن يدفعها إلى السلطان.

واستدلوا بقوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة} (١) وبأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة في الأموال الظاهرة.

وأما الحنابلة فاستدلوا: بالقياس على الأموال الباطنة إذ لا فرق وأما ما ذكرتموه من الأدلة، فإنه ليس فيه إلا إيجاب ذلك على الحاكم أو السلطان وأنه يجب عليه أن يأخذ الأموال فيصرفها إلى مستحقيها، وليس فيه وجوب ذلك على صاحب المال، وحيث دفعها – وهي الأموال الظاهرة – فإن الذمة تبرأ بذلك لأنها زكاة قد أعطيت مستحقها.

هذا: إذا لم يطالب بها الإمام، فإن طالب بها الإمام فيجب دفعها إليه سواء كانت باطنة أو ظاهرة؛ وذلك لما في منعها من الفتنة والافتيات على السلطان، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (قد عفوت عن الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة) (٢) كما ثبت في أبي داود بإسناد حسن، فقوله: (هاتوا) أمر والأمر للوجوب.

* بيان هذه المسألة مرة أخرى وتفاصيلها:

إن طلب الإمام أو نائبه الزكاة في الأموال الظاهرة أو الباطنة فيجب دفعها إليه لما في منعها من الافتيات عليه، ولما في ذلك من الفتنة ولقوله صلى الله عليه وسلم – وهو الإمام -: (فهاتوا صدقة الرقة) وظاهر الأمر الوجوب.

فإن لم يطالب بها الإمام ولم يرسل السعاة إلى جلبها من الناس بأعيانهم فهل يجب أن يدفعها إليه أو يجوز له أن يفرقها بنفسه؟

إن كانت باطنة فيجوز بالإجماع.

وإن كانت ظاهرة ففي ذلك قولان لأهل العلم:


(١) سورة التوبة.
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة / باب (٤) في زكاة السائمة (١٥٧٤) .