للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أصحهما وهو المشهور عند الحنابلة والشافعية – جواز تفريقها بنفسه؛ وذلك لأن الأدلة الواردة ليس فيها ما يدل على وجوب دفعها إلى الإمام وإنما فيها وجوب الإخراج، ووجوب أخذها من السلطان وليس فيه وجوب دفعها إليه إلا أن يطالبه السلطان بها فيجب حينئذ لما تقدم.

ثم هل الأفضل له أن يدفعها إلى الإمام أم الأفضل له أن يفرقها بنفسه؟

الراجح – وهو مذهب الشافعية – أن الأفضل له أن يدفعها إلى الإمام لفعل الصحابة، ولزوال التهمة.

* أما إذا ثبت له أن الإمام لا يضعها في مواضعها ويتصرف فيها بغير حق وأمكنه كتمها:

فمذهب المالكية والشافعية وهو قول القاضي من الحنابلة وصوبه صاحب الإنصاف: أنه لا يجوز له دفعها إليه كما تقدم.

والمشهور من المذهب أنها تدفع إليه.

ومما يدل على وجوب دفعها إلى الإمام إن كان الإمام يطالب بها وإن كان الإمام لا يضعها مواضعها ولا يتصرف بها تصرفاً شرعياً آثار الصحابة، ففي البيهقي بإسناد جيد أن ابن عمر قال: (ادفعوها إليهم وإن أكلوا بها الكلاب) (١) ، وقال في رواية: (وإن شربوا بها الخمر) (٢) .

وثبت في مصنف عبد الرزاق بإسناد صحيح عن أبي صالح قال: اجتمع عندي مال، فأتيت ابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد وسعد بن أبي وقاص فقابلت كل واحد منهم وقلت له: إن هؤلاء يضعونها حيث ترى: " أي لا يضعونها في مواضعها الشرعية " وإني قد وجدت لها موضعاً حسناً، فكلهم قالوا: أدها إليهم) (٣) .

إذن: إذا كان الإمام يطالب بها فيجب دفعها إليه وإن كان لا يضعها في مواضعها، أما إذا لم يطالب بها أو أمكن كتمها ما لم يترتب على ذلك فتنة فإنه يجب كتمها كما تقدم. (٤)


(٢) السنن الكبرى للبيهقي / كتاب الزكاة، باب (٣٨) الاختيار في دفعها إلى الوالي (٧٣٨٣) .
(٣) وانظر سنن البيهقي [٤ / ١٩٣] رقم (٧٣٨٥) .

(٤) كلام في الحاشية بعضه غير واضح.