ويجوز له أن يدفعها إلى ثقة توكيلاً هذا جائز لا حرج فيه، فإذا أعطى زكاته ثقة يؤديها إلى مستحقيها فلا بأس؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد وكل في زكاة ماله فقد وكل معاذ بن جبل في أخذ زكاة أهل اليمن ويفرقها بينهم وكان يوكل السعاة في أخذ الزكاة ويفرقها فدل ذلك على جواز التوكيل ولأنه يحصل المقصود ولا دليل أيضاً على منعه.
وهل يجب عليه أن يعلم الفقير أنها زكاة مال أم لا يجب عليه ذلك؟
نص الإمام أحمد على أنه لا يجب ذلك وأنه لا يستحب له؛ لما في ذلك من كسر قلب الفقير.
واستثنى الحنابلة: من كان عادته ألا يقبل الزكاة ويتنزه عنها فإنه حينئذ لا يدفع إليه إلا أن يخبر أنها زكاة، وقالوا: إن دفعت إليه من غير أن يذكر له أنها زكاة فإن ذلك لا يجزئ.
هذا هو المشهور عند الحنابلة.
وقال بعض الحنابلة: بل يجزئ. وهذا هو الظاهر؛ وذلك لأنه من المستحقين وقد دفعت إليه علم أنها زكاة أم لم يعلم فهي زكاة قد دفعت إلى مستحق لها وهو من أهل الزكاة ولا دليل على عدم إجزائها والأصل هو الإجزاء لكن الذي ينبغي أن يخبر بذلك وألا يفتات عليه فيعطى ما لا يرضى ويعطى ما يتنزه عنها بل يخبر أنها زكاة فإن قبلها فذاك وإن ردها فكذلك.
ومع ذلك فالذي يظهر: أنه إذا اقتضت المصلحة الشرعية والحاجة عدم إخباره فإنه لا يخبر، كأن يكون هناك أحد من الناس يتنزه عنها تنزهاً بالغاً وعليه حاجة شديدة ويخشى عليه الهلكة ونحو ذلك وإن دفعت إليه وأخبر أنها زكاة لم يقبلها فالذي ينبغي ألا يخبر بذلك إذ لا ضرر عليه. لكن إن لم يكن الأمر على هذه الصفة فالذي ينبغي هو الإخبار وفي كل الحالات فإنها تجزئ لأنها زكاة توفرت فيها الشروط الشرعية ودفعت إلى مستحقيها ولا دليل على عدم إجزائها والأصل هو الإجزاء، أما إذا كان لا (١) يتنزه عن قبولها فلا ينبغي إخباره بل تدفع إليه بلا إخبار؛ لئلا يكسر قلبه بذلك.