فالأفضل – أي المستحب – إخراج زكاة كل مال في فقراء بلده ولا يجوز نقلها إلى ما تقصر فيه الصلاة وبهذه الجملة يتبين أن مراد المؤلف في قوله:(والأفضل إخراج زكاة كل مال في فقراء بلده) التفضيل بين إخراجها في بلد المال وبين إخراجها في موضع آخر بينه وبين البلد الذي فيه المال الزكوي - بينه - مسافة لا تقصر فيه الصلاة، فعلى ذلك الأفضل له أن يخرج الزكاة في البلد أفضل له من أن يخرجها في البوادي أو في القرى القريبة من البلدة أو في المدن القريبة منها التي ليس بينها وبين هذه المدينة - التي فيها المال - مسافة قصر.
أما إذا نقلها إلى بلدة بينها وبين هذه البلدة التي فيها المال الزكوي مسافة قصر فإن ذلك النقل محرم فأصبح عندنا ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يخرج الزكاة في بلدة المال فهذا هو الأفضل.
الحالة الثانية: أن يخرجها إلى بادية أو بلدة قريبة إلى بلدة المال بحيث أنه ليس بينها وبين بلدة المال مسافة قصر فهنا يجوز له ذلك.
والحالة الثالثة: أن يخرجها إلى بلدة بينها وبين بلدة المال مسافة قصر فهذا حرام لا يجوز.
أما الحالة الأولى: فدليلها ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل: (فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)(١) أي في فقراء أهل اليمن، وثبت في سنن أبي داود أن زياد بن أبيه أو بعض الأمراء بعث عمران بن حصين على الصدقة، فلما رجع عمران قال له:(أين المال؟ فقال: وللمال أرسلتني؟ أخذناها [من] حيث كنا نأخذها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ووضعناها حيث كنا نضعها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم)(٢) فدل على أنهم لم يكونوا يجبون الصدقة إلى بلدة الإمام وإنما كانوا يضعونها في فقراء البلد إلا إن فضل شيء فإنهم يرجعون به إلى بلدة الإمام.
(٢) سنن أبي داود [٢ / ٢٧٦] ، كتاب الزكاة: باب في الزكاة هل تحمل من بلد إلى بلد.