إذا وجبت عليه زكاة المال وكان البلد الذي هو فيه لا فقراء فيه فإنها تنقل كما تقدم، وحينئذ فيجب عليه أن يدفعها إلى أقرب البلاد إليه، فليس [له] أن ينقلها إلى بلدة بعيدة مع وجود بلدة قريبة يستحق أهلها دفع الزكاة.
قالوا: لأنهم أولى بها لقربهم وهذا التعليل ليس بتعليل قوي، والحنابلة ينقضونها في المسألة السابقة وهي جواز نقلها إلى بلدة لا تقصر فيها الصلاة فإنهم ينقلونها من الموضع الذي وجبت فيه الزكاة إلى موضع آخر لا تقصر فيه الصلاة ويرون جواز ذلك.
وهذه المسألة أولى بالجواز من المسألة السابقة، فينقلها إلى بلدة بعيدة مع وجود بلدة قريبة أولى من نقلها من موضع إلى موضع آخر يشتركان في عدم قصر الصلاة.
والأظهر هو جواز ذلك وأنه يجوز أن ينقلها إلى موضع بعيد مع وجود موضع قريب، وذلك لأن مستحقيها في الأصل هم فقراء البلد، فحيث عدموا جاز له أن يصرفها في أي موضع شاء، ولا دليل على إلزامه بموضع قريب دون موضع بعيد لكن لا شك أن الأولى هو دفعها إلى الموضع القريب وكونه أولى لا يعني ذلك وجوبه فليس هو أحق لكنه أولى بالدفع. والأفضل له أن ينقلها إلى الموضع القريب لأن أهل الموضع القريب أولى بمعروفه فالأقربون أولى بالمعروف.
قال:(فإن كان في بلد وماله في آخر أخرج زكاة المال في بلده)
بعني بلد المال، فقوله:(في بلده) ضمير الغائب يعود إلى المال لا صاحب المال.
أي إن كان في بلد من البلاد وماله في بلد آخر فإنه يخرج زكاة المال في بلد المال؛ وذلك لأن الزكاة متعلقة بالمال فتدفع في موضعه، ولأن الفقراء متعلقون بها في موضعها فوجب أن تدفع لهم.
بخلاف صدقة الفطر فلتعلقها في البدن تدفع في الموضع الذي هو فيه لذا قال: