- وعن الإمام أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام: جواز ذلك، واختاره طائفة من الحنابلة، وأنه إذا كانت ثمت مصلحة تقتضي نقلها من بلدة المال إلى بلدة أخرى لكون هذه البلدة الأخرى فيها طلاب علم أو فيها شديدو حاجة أو فيها مجاهدون هم على ثغر من الثغور الإسلامية، أو نحو ذلك من المصالح، فإذا ثبتت المصلحة ورجحت الحاجة فيجوز، وهذا القول هو الراجح الذي تقتضيه القواعد الشرعية من مراعاة المصالح وترجيح الأصلح على الصالح والأنفع على النافع وشديد الحاجة على المحتاج وهو أعظم نفعاً من أن يختص بها فقراء البلد مع كون الحاجة والمصلحة تقتضي نقلها إلى غيرهم.
ومما يستدل على هذا ما تقدم من أثر معاذ بن جبل من نقله صدقة أهل اليمن أو شيئاً منها إلى فقراء الصحابة في المدينة.
فعلى ذلك: النقل لا يجوز إلا أن تكون هناك مصلحة راجحة فإنه يجوز.
قال:(فإن فعل أجزأت)
تقدم أنه لا يجوز له أن يخرجها من بلدة المال إلا لمصلحة راجحة فإن نقلها لغير مصلحة على الراجح – فإن ذلك لا يجوز ولكن هل تجزئ؟
قال المؤلف:(أجزأت) ؛ وذلك لأنها زكاة أعطيت مستحقاً لها وكونها تنقل إليه مع وجود من هو أحق منه، هذا يقتضي التحريم والإثم دون البطلان، فهو مستحق لها، فقد أخذها بحق، وهي زكاة مال صرفت إلى مستحق لها فأجزأت، ونقلها إليه من مستحقها الأصلي لا يبطلها بل تكون مجزئه ويثبت الإثم.
قال:(إلا أن يكون في بلد لا فقراء فيه)
فإذا كان في بلد لا فقراء فيه فقد اتفق أهل العلم على أنه يجوز له أن ينقلها إلى بلدة أخرى وذلك لعدم المزاحم الأحق، ففي المسألة السابقة هناك مزاحم أحق وهو صاحب البلدة الفقير، وأما هنا فإنه قد عدم فلا مزاحم أحق فيجوز حينئذ دفعها إلى بلدة أخرى، وهذا لا خلاف بين أهل العلم فيه.