وثبت في البخاري من حديث عثمان بن عفان: (أن ـ صلى الله عليه وسلم ـ: توضأ ثلاثاً ثلاثاً (١)) ورواه أيضاً أبو داود الذي تقدم ذكره أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ توضأ ثلاثاً ثلاثاً.
ـ وقد ثبت أنه توضأ فخالف، فقد ثبت في الصحيحين عن عبد الله ابن زيد أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم: غسل يديه ثلاثاً وتمضمض واستنشق ثلاثاً ثم غسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل يديه مرتين ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه) .
فهنا غَسَل الرجلين مرة وَغَسَلَ يديه مرتين وغَسَلَ بقية الأعضاء ثلاثاً ثلاثاً.
وكل ذلك سنة، على أن الأكثر في حاله هو أن يتوضأ ثلاثاً ثلاثاً.
والفرض إنما هو الغسلة الأولى، وما سواها فهو سنة.
ـ والذي ينبغي له أن يفعل هذا تارة وهذا تارة، وأن يكون غالب حاله الوضوء ثلاثاً ثلاثاً.
لأن ما ورد عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـفعله في صور مختلفة، فالسنة أن يفعل هكذا تارة وهكذا تارة.
فإذن السنة: أن يتوضأ مرة مرة، وكذلك مرتين مرتين وكذلك ثلاثاً ثلاثاً وكذلك أن يخالف.
فهذه من سنن الوضوء.
والحمد لله رب العالمين.
انتهى: (باب: السواك وسنن والوضوء) بحمد لله.
الدرس التاسع عشر ... السبت: ٥ / ١١/١٤١٤هـ
باب: ((فروض الوضوء وصفته)) :
(فروض) : الفروض جمع فرض وهو في اللغة: القطع والحز.
أما اصطلاحاً: فهو ما أمر به الشارع على وجه الإلزام.
فإذن هو مرادف للواجب وهذا هو المشهور في مذهب الحنابلة وغيرهم بل هو مذهب جمهور الفقهاء والأصوليين.
ـ وذهب الإمام أحمد في رواية وهو مذهب أبي حنيفة إلى أن الفرض أكثر من الواجب، فالفرض عندهم: ما ثبت بدليل قطعي.
ـ فعلى القول الأول ـ وهو قول الجمهور ـ تسمى الصلاة فرضاً وكذلك الزكاة، وكذلك إعفاء اللحية يسمى فرضاً: أي سواء ثبت بدليل قطعي كالصلاة أو ثبت بدليل ظني كإعفاء اللحية ونحوها من الواجبات.
ـ أما على القول الثاني: فالصلاة تسمى فرضاً، لكن مثل إعفاء اللحية ونحوه يقال: واجب.