للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا فيمن عذره لا يزول وهم الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة اللذان يشق عليهم الصيام، وكذلك المريض الذي لا يرجى برؤه كبعض الأمراض التي يشق على صاحبها الصوم مع كون هذا المرض في العادة المعروفة عند الأطباء عدم زواله فإن هؤلاء يفطرون ولا قضاء عليهم، لأنهم عاجزون عن الصيام أداءً وقضاء فلا قدرة لهم عليه لا أداءً ولا قضاءً، فحينئذ ينتقلون إلى أن يطعموا كل يوم مسكيناً مداً من حنطة أو أرز، أو نصف صاع من غيره أو خبزاً ولحماً أو غير ذلك من طعام الناس فقد ثبت في البخاري بإسناده إلى عطاء بن أبي رباح أنه سمع ابن عباس يقرأ: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} فقال: (ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً) وفي البخاري معلقاً:أن أنس بن مالك (أفطر لكبر عاماً أو عامين يطعم اللحم والخبز) .

قال: (وسن لمريض يضره) .

فيستحب للمريض الذي يضره الصوم، يستحب له الإفطار. والظاهر أن مراد المؤلف بقوله: (يضره) أي يلحق به الضرر، وحيث كان كذلك فإن هذا فيه نظر بل الظاهر وهو مذهب بعض الحنابلة أنه إذا كان يتضرر بالصوم فيجب عليه الفطر لقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} وفي الحديث: (لا ضرر ولا ضرار) وقد أتت الشريعة بحفظ النفوس فكان ذلك واجباً عليه والدليل على أن المريض يجوز له الفطر، قوله تعالى: {فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر} والمريض الذي يباح له الفطر هو المريض الذي يشق عليه الصوم أي يلحقه كلف ومشقة، أو يترتب عليه زيادة في مرضه أو تأخر في البرؤ، فهؤلاء يجوز لهم أن يفطروا، وإلا فقد يكون واجباً عليهم كما تقدم حيث الحقه ضرراً في بدنه.

وهل يجوز الفطر في الجهاد في سبيل الله عند وجود المشقة في غير السفر؟

<<  <  ج: ص:  >  >>