للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المشهور في المذهب أنه لا يجوز لهم ذلك بل يجب عليهم أن يصوموا إلا أن يكون مسافرين فتكون لهم رخصة السفر. واختار شيخ الإسلام وأفتى بذلك في عصره وقد فعله رحمه الله تعالى – جواز الفطر في الجهاد في سبيل الله – وذلك للمشقة وللقياس الظاهر – بل الأولى – على مسألة السفر والمرض ولحفظ الأديان الذي هو أعظم من حفظ الأبدان والأموال على ما في ذلك من حفظ أموال المسلمين ودمائهم، ففيه حفظ أديانهم وأموالهم وأعراضهم وأنفسهم فكان ذلك أولى من غيره بهذه الرخصة – وهذا القول هو الراجح وأنه يجوز لهم الفطر إذا احتاجوا لذلك ليتقووا على العدو، بل قد يكونوا مأمورين به.

قال: (والمسافر يقصر)

أي يستحب الفطر للمسافر الذي يصح منه القصر وقوله (لمسافر يقصر) يريد أن يبين أنه ليس لكل مسافر بل للمسافر الذي يجوز له القصر، وهو السفر الطويل في المذهب – وقد تقدم البحث في هذا فحيث ثبت السفر فإنه يسن له الفطر – هذا هو المشهور في المذهب – سواء شق ذلك عليهم أم لا. واستدلوا بأدلة منها:

ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه فسأل عنه فقيل هو صائم فقال ليس من البر الصيام في السفر) ، وبما ثبت في مسلم عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (إني أجد بي قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح فقال: (هي رخصة من الله فمن أخذ بها فهو حسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه) ، فدل ذلك على أن الفطر هو الأحسن والأفضل فقد وصفه بهذا الوصف ونفى الجناح فحسب عن الصوم فدل على أن الأفضل هو الفطر ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب أن تؤتي رخصه كما يحب أن تؤتي عزائمه) كما في مسند أحمد وغيره. وذهب جمهور الفقهاء وهو وجه عند الحنابلة، أن المستحب له هو الصيام ألا أن يشق ذلك عليه واستدلوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>