ورواه غيرهم من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وأصحها إسناداً ما رواه الطبراني عن ابن عباس بإسناد جيد وهذه الطرق الكثيرة ترتقي بالحديث إلى درجة الصحة، لذا ذهب إليه الإمام أحمد فقال: (إن الأذنين من الرأس) ، فيجب مسحهما كما يجب مسح الرأس.
أما الجمهور: فقالوا: لم يصح هذا الحديث، فعلى ذلك الأذنان ليسا من الرأس فلا يجب مسحهما وإنما يستحب.
ـ وإذا ثبت لنا الحديث فإننا نقول بإيجاب ذلك، وهذا القول هو الراجح وهو مذهب الحنابلة من وجوب مسح الأذنين وإنهما من الرأس.
قوله: ((وغسل الرجلين)) :
وهذا هو الفرض الرابع، وهو فرض بالإجماع، وقد قال تعالى: (فاغسلوا وجوهكم ٠٠٠ وأرجلكم) .
قوله: ((والترتيب)) :
الترتيب فرض عند الحنابلة والشافعية.
ودليلهم: أن الله عز وجل في كتابه الكريم قد أدخل الممسوح بين المغسولات، فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) فأدخل الله الممسوح بين المغسولات، فحينئذ: فصل النظير عن نظيره، وهذا لا فائدة منه إلا الترتيب وفرضيته لأن الآية في ذكر فرائض الوضوء.
ولو أن رجلا قال: (أكرمت زيداً، وأهنت عمراً، وأكرمت بكراً) فهذا الكلام من العِيِّ لا من البيان.
وأنه فصل النظير عن نظيره والواجب ألا يفعل، وأما أن يفصل فهذا من العي.
والله عز وجل ينزه عن ذلك فلا بد من فائده.
لذا استدل به أهل العلم على إيجاب الترتيب، لأن الله أدخل الممسوح من المغسولات.
ولا يقال: إن الترتيب مستحب؛ لأن الآية قررته في سياق الفرض وليس في سياق الاستحباب.
ـ كما أن الله ـ عز وجل ـ لم يرتب الأعضاء الأعلى فالأعلى أو الأقرب فالأقرب بل رتبه هكذا مختلفة، وذلك لا فائدة منه إلا إيجاب الترتيب.
ـ ثم إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يصح عنه أنه توضأ غير مرتب أبداً، كما قرر هذا ابن تيمية وابن القيم والنووي وغيرهم.