فالراجح: هو إيجاب الترتيب.
فلو أن رجلاً توضأ غير مرتب كأن يمسح الرأس قبل غسل اليدين فإن وضوءه باطل فيجب عليه أن يعيد الوضوء إن كان هناك فاضل.
أما إن لم يكن هناك فاصل فإنه يصح منه غسل اليدين، فيجب عليه أن يمسح الرأس مرة أخرى.
فإن توضأ منكساً أربع مرات فهل يصح وضوءه أم لا؟
بمعنى: غسل رجليه ثم مسح رأسه ثم غسل يديه ثم غسل وجهه وفعل ذلك أربع مرات.
قالوا: يصح وضوؤه؛ لأن كل وضوء من هذه الوضوءات المنكسة يصح منها عضو واحد.
فعلى الوضوء الأول يصح غسل الوجه، وفي الوضوء الثاني يصح غسل اليدين وفي الوضوء الثالث يصح مسح الرأس وفي الوضوء الرابع يصح غسل الرجلين. وهي صفة غريبة ولكن ذكرناها للفائدة.
ـ وذهب المالكية والأحناف إلى عدم وجوب الترتيب.
قوله: ((والموالاة وهي أَلاَّ يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله)) :
هذا الفرض السادس من فروض الوضوء.
وهنا: ذكر فرضية الموالاة وذكر ضابطها، فيه مبحثان:
ـ المبحث الأول: في فرضيتها.
(١) ـ مذهب الحنابلة هو فرضية الموالاة، وأن الموالاة بين الأعضاء فرض وهذا مذهب المالكية.
واستدلوا: بما ثبت في المسند بإسناد جيد كما قال الإمام أحمد وصححه ابن كثير، وغيره أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: رأى رجلاً يصلي وعلى قدمه لمعة قدر درهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة) (١) .
ووجه ذلك: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يأمره أن يكتفي بغسل هذه البقعة التي لم يصبها الماء بل أمره أن يعيد الوضوء كله، فلو لم تكن الموالاة واجبة لاكتفى أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن يغسل هذا المأمور البقعة التي لم يصبها الماء.
ـ وقد ثبت في مسلم: أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: (إرجع فأحسن وضوءك فرجع ثم صلى (٢)) .