للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبدليل التخيير في الآية: {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} فأمر النبي صلى الله عليه وسلم له أولاً بذبح شاة لأن ذلك أفضل.

والآية القرآنية والحديث النبوي في مشروعية الفدية لمن حلق رأسه معذوراً من مرض ونحوه. وألحق جمهور العلماء في حلق الرأس: تغطية الرأس وتقليم الأظافر والتطيب ولبس المخيط فرأوا أن من فعل أحد هذه الأربع فعليه الفدية الواجبة على من حلق رأسه. هذا أولاً.

ثانياً: ألحقوا بالمعذور غيره، فالآية والحديث نص في المعذور فألحق جمهور العلماء في المعذور غيره، فلو فعل ذلك تعمداً بلا عذر عالماً بالحكم أو لبس مخيطاً متعمداً عالماً بالحكم أو نحو ذلك فإن عليه الفدية.

واستدلوا: بالقياس.

وفي النفس مما ذهب إليه الجمهور شيء.

وقد ذهب الظاهرية واختاره الشوكاني: أن ذلك – أي الفدية – خاص بحلق الرأس وهو للمعذور فقط.

أما الظاهرية فإنهم لا يرون القياس، وحينئذٍ: فردهم على الجمهور هو إبطال القياس من أصله، ولا شك أن قولهم باطل في لغي القياس، لكن القياس هنا فيه نظر، فإن المحظورات الأربعة لا تشبه حلق الرأس فإنه نسك يتعلق به واجب من واجبات الإحرام وهو الحلق أو التقصير بخلاف بقية المحظورات التي ذكروها فإنه لا يتعلق بها واجب كما يتعلق ذلك بالحلق فهو نسك يوفره المسلم ليقوم بحلقه أو تقصيره في يوم النحر، وعند طوافه وسعيه للعمرة. والقياس مع الفارق غير صحيح.

وأما إلحاقهم غير المعذور بالمعذور فهو – أيضاً – قياس مع الفارق فإن المعذور غير عاصٍ لله ولا إثم عليه، بخلاف غير المعذور فإنه قد فعل ما نهى الله عنه على وجه يأثم به، فلا شك أن قياس العاصي على المطيع قياس غير صحيح.

ومع ذلك فإن الأحوط في هذه المسألة ما ذهب إليه جمهور أهل العلم وإلا فكما تقدم ففي القياس الذي ذكروه نظر.

ما تقدم هو فدية الأذى.

<<  <  ج: ص:  >  >>