ثم انتقل المؤلف إلى الكلام على جزاء الصيد، وقد تقدم الكلام على الصيد وتحريم قتله للمحرم، وهنا في بيان جزاء الصيد. قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاءٌ مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره}
جزاء الصيد الذي دلت عليه هذه الآية بالخيار أيضاً بين ثلاثة أشياء:
الأول: أن ينظر إلى هذا الصيد الذي صاده وما يماثله من النعم من بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم، فينظر ما يماثله ويحكم بالمماثلة ذوا عدل من المؤمنين، فيحكمان بأن هذه البهيمة من النعم عدل لهذا الصيد.
مثال ذلك: النعامة يماثلها عند أهل العلم الإبل - وسيأتي الكلام على هذا في فصل مفرد إن شاء الله - فحينئذٍ يذبح هذا المثيل ويوزع على فقراء الحرم:{هدياً بالغ الكعبة} هذا هو الخيار الأول.
الثاني:{أو كفارة طعام مساكين} بيان ذلك: أنه إن شاء ذبح هذا المثل وجعله هدياً بالغ الكعبة، وإن شاء قوَّم هذا المثل فيشتري بقيمته طعاماً من أرز أو نحوه ثم يوزع على المساكين لكل مسكين نصف صاع.
فمثلاً: قومنا – البعير – في المثال المتقدم فوجدناه يساوي ألف ريال فاشترينا بالألف ريال مئة صاع من التمر فإنه يوزعه على ٢٠٠ مسكين. فالمقوّم إنما هو المثل وليس الصيد هذا هو المشهور في مذهب الحنابلة والشافعية.
وذهب المالكية إلى أن الذي يقوم هو الصيد نفسه.
واستدل المالكية على أن المقوم الصيد: قالوا: لأنه هو الأصل وهو المتلف فيجب ضمانه إما بمثله أو بقيمته وحيث أنا لم نأت بالمثل فعلينا أن نأتي بقيمته نفسه.