للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رجل أراد أن يتمتع بالعمرة إلى الحج أو يقرن وهو غير قادر على الهدي فأحرم في اليوم الرابع من ذي الحجة، فيجوز له أن يشرع بصيام الثلاثة أيام من ذلك اليوم.

وإذا تحلل من العمرة فيجوز له أيضاً أن يشتغل بالصيام قالوا: لأنه قد أحرم بأحد نسكي التمتع، فالتمتع له نسكان: عمرة وحج فكما أنه يجوز له أن يشرع بالصيام إذا أهل بالحج اتفاقاً، فالعمرة كذلك لأنها أحد نسكي التمتع.

وذهب المالكية والشافعية: إلى أنه لا يجوز له أن يشرع بالصيام إلا إذا أحرم بالحج ولا يجزئه.

فعلى ذلك: أثناء إحرامه بالعمرة لا يجزئه الصيام.

وأما القارن فإنه لا إشكال على أنه يجوز له لأنه إذا أحرم بالعمرة فإن الحج أيضاً داخل في إحرامه فإنه يحرم بهما جميعاً.

واستدلوا: بالآية فإن الله قال فيها: {فصيام ثلاثة أيام في الحج} فعين الله عز وجل الحج للصيام: ولا يكون في الحج حتى يحرم به.

وهذا القول هو الظاهر، وهو الموافق لظاهر الآية الكريمة وأما كون العمرة أحد نسكي التمتع: فإن هذا غير كافٍ في الإجزاء لمخالفة ذلك للآية الكريمة أولاً.

ولأنه لا يصدق عليه التمتع حتى يشرع بالحج إهلالاً فإذا أهل به فإنه يصدق عليه أنه قد تمتع بإهلاله بالحج.

فالراجح ما ذهب إليه المالكية، والشافعية: وأنه ليس له أن يصوم إلا إذا أحرم بالحج.

وهو فيما يظهر لي الموافق للآثار المتقدمة عن الصحابة كما قالت عائشة: (الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج لمن لم يجد الهدي من أن يهل إلى يوم عرفة) (١) فظاهر ذلك أنه من إهلاله بالحج وهو كما تقدم ظاهر الآية القرآنية.

وظاهر الآية القرآنية أنه ليس له أن يصوم بعد ذلك لأن التلبس في الحج ينتهي بيوم النحر، ويوم النحر ليس من أيام الصيام مطلقاً فظاهر الآية: أن الصيام محصور من الإهلال بالحج وينتهي يوم عرفة فإذا فاته يوم عرفة انتهى صيام الثلاثة أيام.


(١) تقدم ص٦٤

<<  <  ج: ص:  >  >>